نشر في 14 ديسمبر 2019 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
تَأَخَّرَ الوَقْتُ وَالدِّرَاسَةُ بَدَأَتْ فِي الجَامِعَاتِ وَقَدْ مَرَّ عَلَيْهَا شَهْرَيْنِ..
عَادَ الشَّابُّ مُرَاجِعًا قَسَمَ البَعَثَاتِ فَخَيَّرُوهُ بَيْنَ الطِّبِّ البَيْطَرِيُّ وَالزِّرَاعَةِ وَاللُّغَةِ الإِنْجِلِيزِيَّةُ وَالفِيزِيَاءِ وَالرِّيَاضِيَّاتِ..
وَبِلَا تَفْكِيرٌ مِنْهُ اِخْتَارَ الفِيزِيَاءَ.. حَيْثُ لَمْ يَبْقَ تَخَصُّصَاتٌ إِلَّا هَذِهِ..
سَافَرَ ذَلِكَ الشَّابُّ إِلَى عَاصِمَةٍ الرَّشِيدَ لِلدِّرَاسَةِ فِي الجَامِعَةِ الأُمُّ.. جَامِعَةُ بَغْدَاد..
لَمْ يَسْتَطِعْ التَّأَقْلُمَ فِي البِدَايَةِ بِسَبَبِ اِخْتِلَافِ اللَّهْجَةِ.. لَكِنَّهُ اِسْتَطَاعَ أَنْ يَتَجَاوَزَ هَذَا لِأَنَّ الدِّرَاسَةَ بِاللُّغَةِ الإِنْجِلِيزِيَّةِ..
قَالَ لَهُ أَحَدُهُمْ فِي بِدَايَةَ العَامِ الدِّرَاسِيِّ: أُحَذِّرُ مِنْ الدُّكْتُورِ سَامِي, وَكَانَ هَذَا دُكْتُورَ مَادَّةِ المِيكَانِيكَا. وَحَسَبَ قَوْلِهِ أَنَّهُ أَعَادَ تِلْكَ المَادَّةَ لِصُعُوبَتِهَا وَصُعُوبَةِ تَعَامُلِ الدُّكْتُورِ مَعَ الطُّلَّابِ. حَاوَلَ تَدْمِيرَ الشَّابَّ نَفْسِيًّا. "الفَاشِلُ يُرِيدُ أَنْ يُقْنِعَ نَفْسَهُ أَنَّ الكُلَّ فَاشِلٌ مِثْله.. اِنْتَهَى الفَصْلُ الدِّرَاسِيُّ وَكَانَتْ نَتِيجَةَ ذَلِكَ الشَّابِّ اِمْتِيَازٌ فِي ذَلِكَ المَسَاقِ. وَلَيْسَ هَذَا فَقَطْ, كَانَ الدُّكْتُورَ مِنْ أَرْوَعَ مَا يَكُونُ مَعَهُ خَاصَّةً وَمَعَ الطُّلَّابِ عَامَّةً. عَمِلَ ذَلِكَ الشَّابُّ جَهَدَهُ فِي كُلِّ المَوَاضِيعِ مُرَدِّدَا كَلَامِ أَبَوَيْهِ عَلَى أسماعه:." لَا تَنْجَرِفُ مَعَ التَّيَّارِ, فَشَلُكِ يَعْنِي تَدْمِيرِنَا.
كَانَتْ هَذِهِ الجُمْلَةُ لَا تَفَارَقَ ذِهْنُهُ. وَلَكِنَّهَا كَانَتْ السَّبَبَ فِي تَمَيُّزِهِ فِي كُلِّ المَوَاضِيعِ وَخَاصَّةً الصَّعْبَةَ مِنْهَا مِثْلَ الكَهرُومِغْنَاطِيسِيَّةِ وَاِلَكُمْ. طَارَتْ شُهْرَتُهِ عَلَى مُسْتَوَى الجَامِعَةِ وَكَانَ دَائِمًا مُحَاطًا بِالطُّلَّابِ وَ, الطَّالِبَاتِ.. لَكِنَّ ظُرُوفُهِ المَادِّيَّةُ لَمْ تَكُنْ كَمَا يَجِبُ. المُخَصَّصَاتُ الَّتِي يَأْخُذُهَا مِنْ سَفَارَةِ دَوْلَتِهِ وَمَا تُعْطِيهَا لَه الجَامِعَةُ لَا تَكْفِيهُ كَشَابٍّ يُرِيدُ أَنْ يُجَارِيَ نَوْعًا مَا الشَّبَابَ أَقْرَانَهُ.. تَمَيُّزُهُ فِي اللُّغَةِ الإِنْجِلِيزِيَّةُ أَتَاحَ لَهُ بَابَ رِزْقٍ لَا بَأْسَ فِيهُ. كَانَ الطُّلَّابَ يُعْتِمُونَ عَلَيْهِ فِي تَرْجَمَةِ مَوَاضِيعِهِمْ وَأَبْحَاثِهِمْ. خَاصَّةً الجِنْسُ اللَّطِيفُ - أَرْجُو المَعْذَرَةَ - هُنَّ أَكْثَرَ اتكالية مِنْ الذُّكُورِ.. اِسْتَغَلَّ لُغَتَهُ القَوِيَّةَ وَقَالَ مَازَحَا: الصَّفْحَةُ بِدِينَارٍ. فَمَا رَأْيُكُمْ?. كَانَ يَتَمَنَّى أَنْ يُوَافِقُوا لَكِنَّهُ رَمَى هَذِهِ الكَلِمَةَ بِطَرِيفَةٍ طَرِيفَةٍ, فَإنْ أَصَابَتْ فَهُوَ سَيَسْتَفِيدُ وَإِنْ خَابَتْ يَكُونُ قَدْ حَفِظَ مَاءَ وَجْهِهِ. وَكَانَتْ المُفَاجَأَةُ. أَنَّهُمْ وَافَقُوا. مُعْظَمُ طُلَّابِ كُلِّيَّةِ العُلُومِ كَانُوا مِنْ المَيْسُورِينَ.. لَمْ يَتَوَقَّفْ ذَلِكَ الشَّابُّ عَلَى تَرْجَمَةِ الأَوْرَاقِ لِزُمَلَائِهِ بَلْ عَمَلٌ أَيْضًا فِي فُنْدُقٍ عَلَى الاِسْتِقْبَالِ وَالسَّبَبِ أَيْضًا لُغَتُهِ الإِنْجِلِيزِيَّةُ العَالِيَةُ..
"لاَ بُدَّ أَنْ نُفْرِغَ عُقُولِنَا مِنْ الأَحْلَامِ وَنَعِيشُ وَاقِعِنَا"
مَرَّتْ السَّنَوَاتُ الدِّرَاسِيَّةُ تِبَاعًا, وَهُوَ فِي كُلٍّ سنتة يَزْدَادُ نَجَاحًا.. يُحَقِّقُ نَجَاحًا تِلْوَ الآَخِرِ..
لَا يَزَالُ يُذَكِّرُ البِرُوفِيسُورُ "سَامِي السامرائي" أُسْتَاذُ الفِيزِيَاءِ البَحْتَةِ الَّذِي كَانَ يُعَامِلُهُ كَوَلَدِهِ.. وَالبِرُوفِيسُورُ "هِشَامُ القيسي" الأُسْتَاذُ فِي الفِيزِيَاءِ الطِّبِّيَّةُ, وَالَّذِي أَثَّرَ تَأْثِيرًا مُبَاشِرًا فِي ذَلِكَ الشَّابِّ..
وَفِي السَّنَةِ الأَخِيرَةِ, طَلَبَ الدُّكْتُورُ هِشَامُ القيسي أَنْ يَكُونَ مُشَرَّفًا عَلَى ذَلِكَ الشَّابِّ "تَحْدِيدًا" فِي مَشْرُوعٍ تُخْرِجُهُ.. وَقَدْ تَحْقِقْ لَهُ ذَلِكَ. اِخْتَارَ الدُّكْتُورُ مَوْضُوعًا لِلشَّابِّ عُنْوَانَهُ "النَّشَاطُ الكَهْرَبَائِيُّ "للقلب" وَذَلِكَ لِمَعْرِفَتِهِ التَّامَّةُ بِشُغُفِ ذَلِكَ الشَّابِّ بِهَذَا النَّوْعِ مِنْ البُحُوثِ.. بَدَأَ الشَّابُّ بِدَايَةً قَوِيَّةٌ فِي عَمَلِ ذَلِكَ المَشْرُوعِ وَكَانَ يَتَطَلَّبُ مِنْهُ البَقَاءَ فِي الْمَعَامِلَ وَالمُخْتَبَرَاتِ وَزِيَارَةَ المُسْتَشْفَيَاتِ لِفَتَرَاتٍ طَوِيلَةٍ. كَانَ المَشْرُوعُ سَنَوِيًّا, وَمَعَ اِقْتِرَابِ اِنْتِهَاءِ الاِخْتِبَارَاتِ أَخْبَرَ الدُّكْتُورُ هِشَامُ ذَلِكَ الشَّابُّ أَنَّهُ تَمَّ تَرْشِيحُهُ لِمُسَابَقَةِ البُحُوثِ عَلَى مُسْتَوَى كُلِّيَّاتِ الجَامِعَةِ كَامِلَةً مَعَ بُحُوثٍ أُخْرَى... ذُهِلَ الشَّابُّ وَقَالَ: يَا دُكْتُورٌ المَشْرُوعُ لَمْ ينِتهِ بَعْدَ, فَكَيْفَ سَأُنَاقِشُهُ أَمَامَ لَجْنَةٍ وَفِي مُدَرَّجٍ مَفْتُوحٌ لِلجَمِيعِ?... ضَحِكَ الدُّكْتُورُ ثُمَّ اِسْتَطْرَدَ قَائِلًا: أَثِقُ بِقُدْرَاتِكَ.. عَلَيْكَ أَنْ تَكُونَ جَاهِزًا ثُمَّ اِسْتَأْذِنْ وَاِنْصَرِفْ.
تَرَكَ الشَّابُّ يُقَلِّبُ كَفَّيْهُ, فَمَاذَا سَيَفْعَلُ?
بَعْدَ أَيَّامٍ جَاءَهُ طَلَبٌ مُقَابِلَةٌ مَعَ رَئِيسِ قِسْمِ الفِيزِيَاءِ الدُّكْتُورُ "عبدالاله القزاز" وَكَانَ بِرُوفِيسُورَا فِي الفِيزِيَاءِ النَّوَوِيَّةُ.. السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دُكْتُورٌ عبدالاله... وَعَلَيْكُمْ السَلَامُ يَا بِنِّي. هَلْ أَنْتَ فُلَانٌ?.. نَعَمْ يَا سَيِّدِي. أَنْتِ لَسْتَ عِرَاقِيًّا, أَلَيْسَ كَذَلِكَ?. نَعَمْ يَا سَيِّدِي, لَسْتُ عِرَاقِيًّا لَكِنَّنِي عَرَبِيٌّ المُوَلِّدُ وَالنَّشْأَةُ. ضَحِكَ الدُّكْتُورُ وَقَالَ: آسَفُ لَمْ أَقْصِدْ هَذَا... لَكِنَّنِي أَرَدْتُ أَنْ أَرَاكِ وَأَتَنَاوَلُ مَعَكَ أَطْرَافَ الحَدِيثِ. بِسَبَبٍ مَا سَمِعْتُهُ عَنْكَ... وَبَعْدَ نِقَاشٍ طَوِيلٌ, قَالَ: هُنَاكَ مَشَارِيعُ اِخْتِيَارِيَّةً فِي مُخْتَلِفِ الأَقْسَامِ, وَمِنْ ضِمْنِهَا قِسْمُ الفِيزِيَاءِ. هَلْ تُحِبُّ أَنْ تَقُومَ بِعَمَلٍ مَشْرُوعٍ وَسَوْفَ يُرَشِّحُ لِلمُسَابَقَةِ عَلَى مُسْتَوَى جَامِعَاتِ العِرَاقِ كَامِلَةً? فَإِنْ نَجَحْتُ فَسَوْفَ يَتِمُّ تَكْرِيمُكَ... لَكِنْ يَا دُكْتُورٌ لَيْسَ لَدَيَّ وَقْتٌ, فَعِنْدَي مَشْرُوعُ التَّخَرُّجِ لَمْ يَنْتَهِ بَعْدُ. أَنَا رَشَّحْتُكَ, وَأَنْتَهِي. وَأَوْصَيْتِ أَنْ تَكُونَ المُشْرِفَةَ عَلَيْكَ الدُّكْتُورَةُ "إِكْرَام عِطَا عجاج".. الَّتِي تُدَرِّسُكِ مَادَّةَ فِيزِيَاءِ الحَالَةِ الصُّلْبَةُ وَهِيَ تُثَنِّي عَلَيْكَ ثَنَاءٌ جَمًّا. اِذْهَبْ إِلَيْهَا وَقُمْ بِالتَّنْسِيقِ مَعَهَا..
السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دُكْتُورَةٌ, حَقِيقَةً جِئْتُ إِلَيْكَ لِأَعْتَذِرَ عَنْ المُشَارَكَةِ لِضِيقِ الوَقْتِ!!. لَا مَجَالَّ لِلاِعْتِذَارِ بِتَوْجِيهٍ مِنْ رَئِيسِ القِسْمِ, خَاصَّةً أَنَّ الدُّكْتُورَ هِشَامُ القيسي قَدْ حَضَّرَ لَكَ مُفَاجَأَةً عِنْدَ التَّخَرُّجِ سَتَسْعَدُ بِهَا كَثِيرًا. سَأُرِيكَ شَيْئًا كَتَبَهُ الدُّكْتُورُ هِشَامُ. كَانَتْ وَرَقَةُ تَوْصِيَةٍ إِلَى جَامِعَةِ وَاتِرْلو فِي كَنَدَا لِأَجْلِ مِنْحَةٍ إِلَيْهَا لِلدِّرَاسَاتِ العُلْيَا..
ماهر باكير
-
Dallashوَإِنِّي أَتَجَاهَلُ وَلَسْتُ بِجَاهِلٍ غَضِيضُ الْبَصَرِ وَلَسْتُ أَعْمَى وَإِنِّيْ حَلِيمٌ وَلَسْتُ بِحَالِمٍ حَصِيفُ الْكَلِمِ وَلَسْتُ أَسْمَى مَاهِر بَاكِير
التعليقات
أحسنت . يعجبني ما وصل إليه سليم . و إن شاء الله من نجاح الى نجاح أكبر فــ هو يستحق فعلا ... تحياتي
ذكرتني بكلام والدي أيضا..."وطّن نفسك و لَا تَنْجَرِفُ مَعَ التَّيَّارِ" ,
أحسنت و متشوق لبقية القصة
شوقتنا أكثر للمزيد من طي الكتمان...
ننتظر... دام نبض قلمك.