عبادة ميسورة غير مقيّدة بمكان و لا زمان و لا حال..أتدري ما هي؟
أجل.. الدّعاء..
تعلّمت بأنّه القلم الذي به نكتب قدرنا و مستقبلنا..
و الرّيشة التي نبدع من خلالها..لتحقيق أحلامنا..
و الرّحيق الذي يُنعش النّفس و يبعث فيها الأمل من جديد..
عدوّ البلاء..هو..يمنعه و يدفعه و يعالجه..
به تُجلب النّعم..و تُدفع النّقم..و تُفرّج الهموم و الغموم..
هو الحبل الممدود.. بيننا و بين خالقنا..و ترجمة لعبوديّتنا له جلّ و علا..
به نقطع الطّمع عمّا في أيدي الخلق..و نحفظ ماء الوجوه و عزّة النّفس ..إذ نستغني به عمّن سوى اللّه
و لكن..
كم مِنّا من دعا و دعا و لم يُستجب له؟؟ و ظنّ بالله الظنونا..و قال متى نصر الله؟؟
كم منّا من شكى و بكى و لم ير للسّؤال جوابا..
ألا يُحبّنا؟ ألا يُريد الخير لنا؟ ألا تهمّه سعادتنا؟ لا و ألف لا..حاشاه أن يكون كذلك
و ما أسماؤه الحسنى و صفاته العلى إلاّ دليلا قاطعا على حبّه لعباده..
فما الخبر إذن؟؟
الحقيقة المرّة هي أنّ العلّة فينا..فإن قلنا..إنّ الملك لله وحده..ثمّ طرقنا باب غيره و تذلّلنا لسواه و خفنا من هذا أن يخفضنا و رجونا من ذاك أن يرفعنا..
أفنكون بهذا قد أخلصنا قلوبنا له؟؟
الله يغضب إن تركت سؤاله ***و ابن آدم حين يُسؤل يغضب
أليس هذا دليلا قاطعا على أنّ الله يريد الإستجابة لنا إذ سمح لنا بالدّعاء؟
و لكن هناك شروطا اتّفق عليها العلماء لتحقيق الإجابة..
** يُريد أن نستجيب له ..ليستجيب لنا ..بأن نتّبع تعاليمه "فاتّقوا الله ما استطعتم" سورة التّغابن 16
** يُريد من العبد أن يكون حاضر القلب عند الدّعاء ، مفتقرا إليه، خاشعا بين يديه، لا يطمع في سواه..
واعلموا أنّ الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه" حديث شريف
** عدم الإستعجال.." و خلق الإنسان عجولا"
و الإستعجال في رأي العلماء نوعان:-جائز و محمود ..عند طلب العبد تعجيل المطلوب طمعا في جود الله و كرمه
-و استعجال مذموم..عند استبطائه الإجابة و التّسخّط على الله و التّشكّك في جوده و كرمه..
** أمّا تاج الأمر كلّه و سرّ الأسرار ،و مفتاح الخزائن فهو اليقين بالله..
"ادعوا الله و أنتم موقنون الإجابة" حديث شريف . أدنى شكّ ..يبني حاجزا بين السّماء و الأرض..
كثيرٌ منّا إن لم يكن معظمنا لا يستطيع أن يستشعر الإجابة كحقيقة مطلقة بعد الدّعاء..
و لا يثق في الله ثقة تامّة مع علمه بجوده و كرمه و قدرته..
رُبّما لضعف في إيماننا..أو لعدم وصولنا إلى درجة اليقين التي تجعلنا نرتاح بعد الدّعاء إلى حدّ نتخيّل معه دعواتنا و قد فُتّحت لها أبواب السّماء ..ثمّ نزلت الأوامر الإلهية بتنفيد وعوده..
اليقين!!! عبادة قلبية .. لن يستشعرها بداخله إلاّ ذو حظّ عظيم..
عبادة تفتح الأبواب المغلقة.. و تردّ سهام القدر..
فمتى نصل إليها ؟؟