أمضي في طريقك فحسب , فأنا أمضي في نفس الطريق خلف خطواتك وأراك عين الرؤية , إن ألتفت خلفك أو نظرت نظرة خلسة حولك لمن يشاركوك سير الطريق ستجدهم بشر مثلك وليس لك عليهم سلطان وليس لهم عليك سيطرة , فقط يشاركون خطواتك بخطوات مثلها في طريق الحياة , يجرون أرجلهم كما يجرون إرادتهم في محاولة للوصول إلى نهاية الطريق دون أن تراودهم أي لحظة جزع أو ملل حيال الطريق الطويل مجهول النهاية , مجهول الزمان , ورغم أنه مجهول إلا أنه معروف , مألوف لخطواتهم , هو طريق الحياة الذي كُتب عليهم أن يسلكوه للنهاية , ليس لهم القدرة أن يحيدوا عنه أو ينسحبوا منه , هو ثابت وباقي , إلى متى ؟ , إلى أين ؟ , كلها تساؤلات ليس لنا القدرة على كشف إجابتها , ليس لعقولنا التي مهما بلغت من الفصاحة والدهاء والتفلسف ما تبلغ أن يكشفوا عنها الحجاب , بل هي تساؤلات تزيد من أرتباك العقل أكثر وليس تهدئه بحور فكره الهوجاء , قد تزيد من فصاحته ودهاءه وتفلسفه ولكنها لن تُحل مهما بلغت منهم أقصاهم ..
فلما تزيد من حيرتك بحيرة أكبر ؟! , لما تضيع وقت عقلك في البحث عن إجابات ليس من المقدر عليك أن تصل إليها , فلتستمتع بسيرك وتتأمل طريقك وتنتبة لما قد تقابله من تعرجات طريقك من تعرجات اليأس والتشاؤم وغيرهم من تعرجات ستصادفك لا محالة , لوكن متي ستصادفك خلال مشوارك ؟ , هذا أيضاً سؤال ليس بمقدور عقلك أن يصل لإجابته كما غيره من تساؤلات عدة ..
حتماً تتساءل الآن لما لا يصل عقلي إلى حلول وإجابات ؟ لما انا الإنسان الذي ميزه الله بعقل لا يغالبه شئ مهما كانت درجة ذكاءه أقف أمام تلك التساؤلات مقيد الفكر مشلول الفصاحة ؟! , حقاً أنه تساؤل آخر يزيد من حيرة العقل , حقاً هو تساؤل آخر يفتح أبواب التأمل أمام الفكر في محاولة لأصطياد أي إجابة قد تريح إضطرابه وتهدئ من زلزله افكاره ! ..
كل ما عليك فعله الآن أن تكمل مسيرك , تنتبه لما تخطوه وتبتعد عن مزلات الطريق , إنه الطريق الوحيد الذي لاي يوجد له طرق مختصرة , هو ليس كباقي طرق الحياة , لقد صمم خصيصاً لك ..
إن سمعت اذنك أصوات سقوط إرادة فلا تستكمل سيرك , إنها تنبية وإنذار لك على وجود واجب يجب أن تؤديه , فقد يكون بشرياً مثلك قد تساقطت إرادته أثناء مضيه في الطريق ولم يأخذ حذره حيال بعض تعرجات اليأس , فسقط ولم يجد من يسانده للوقوف مرة آخرى والأستمرارية , فكن أنت أول من يلقى له يد العون والمساعدة , دعه يقف مرة أخرى على أرجله التي لم تجد لحظة تستريح فيها من مشقة الطريق , دعه يبعث النبض لإرادته مرة أخرى التي توقف نبضها نتيجة صدمة تلقتها من سقوطها المفاجئ الذي لم يكن في حساباتها ..
اطمئن , يوماً ما سينتهي ذلك الطريق وتصل لمنتهاه كما أردت دوماً ولكن ما لك فيه إلا أن تترابط مع سالكي الطريق وتحكم قبضتك على إرادتك , فما لك سواها في رحلتك , هي غذاؤك وشرابك وأهلك وصحبتك , هي الباقية لك , أسلك طريقك في آمان , حتماً ستصل ..