مرة أخرى..أنا هنا على الأوراق، أمسك بالقلم في يدي و أحاول أن أتحسس طريقي نحو الكلمات الأولى، نحو السطر الأول، نحو النور ثانية..
هنا توجد القوة، الأمل، وأشعر بالحياة، بينما أظل تائهة فاقدة للهوية و لا أعرف من أنا حينما أكون بعيدة عن الكتابة. أعلم جيدًا أن حقيقتي هي التي تظهر هنا، روحي الحقيقية هى التي تتشبث بتلك الكلمات و تتأرجح بين تلك الأسطر، حرة و مرحة، قوية لا تعرف لليأس عنوانًا أو طريقًا، لكن واقعي عكس تلك الصورة، إنه النقيض تمامًا لذلك المشهد، وكأنني روح إنسان تعيش حياة إنسان أخر، حاولت الفرار مرارًا و تكرارًا لكنني افشل في كل مرة، يبدو أنني ساظل حبيسة في ذلك الجسد و منغمسة في حياته إلى الأبد!
أتعجب كيف لي أن أتحلى بالقوة على الأوراق ؟ هنا أعرف ماذا أريد و إلى أى شئ أسعى، أملك جميع الإجابات عن كل الأسئلة التي تدور في رأسي، بينما أكون فى دُنياي تائهة و هشة للحد الذي يُمَكن الكلمة من الإطاحة بي من أعلى قمة جبل شاهق الإرتفاع، بائسة و ضعيفة، أجهل كل ما حولي ولا أمتلك إجابة واحدة على أى من أسئلتي!
لكن حين التقط قلمي من موضعه على المكتب، أشعر و كأنني قد التقطت عصا سحرية في مقدورها تحويل الأشياء و تحسين الأوضاع، تقدر على إضفاء لمعة سحرية على الأرجاء و في التوقيت ذاته يبدو لي كسيف شديد الحدة، يمكنني الإختباء وراء قوته و الدفاع به عن نفسي، لكنه في واقع الأمر و كذلك في أعين الجميع لا شئ سوى قلم أزرق اللون من الطراز المُتعارف عليه و غايته مثل غيره من الأقلام!
لقد ضل عقلي وذهب بعيدًا أو أنه ضال و مجنون بالفطرة، كثيرًا ما أقول تلك العبارة لنفسي ثم أقول لى :" كيف للمرء أن يكون خياله هو حقيقته بينما يكون واقعه الذي يعيشه هو الذي لا يمُت له بصلة ؟!
يكاد رأسي ينفجر، احاول حل ذلك اللغز الدسِم ،و أجدني اُفتش عني في كل مكان ولا اتمكن من رؤيتي إلا إذا آتيت بالقلم و الأوراق لأدق بابي مرة أخرى ، أوقظني من سُبات عميق من عالم أخر، أستدعيني لأُحدثني بما مررت به من تفاصيل لحياة ذلك الجسد!
و اتمنى لو انه في إمكاني أن اذهب مع تلك الفتاة التي ظهرت للتو من بين تلك الصفحات، لكنني لا استطيع فبمجرد أن تجف الكلمات و يُرفع القلم عن السطور تذهب هي إلى عالمها و تغوص في سُبات عميق مُجددًا و أظل أنا عالقة هنا في عالمي المحفوف بالتشويش و الإخفاق، سماؤه ضبابية و أرضه شوكية موحشة.
ربما في يومًا ما سأجد الطريق نحو خيالي و الذي هو حقيقتي في واقع الأمر ولا أعرف سواها، حينها ستتحرر روحي من قيود واقعها التي طالما كُبلت بها، سأصبح أنا و تلك النسخة مني و الموجودة فقط على الأوراق شخصًا واحدًا، مُتزنًا يعيش في عالم واحد لا عالمين و سأصبح نفسي مرة أخرى.
-
ريم ياسرهنا ستجد الحقيقة دون تزيف أو رتوش. An old soul who missed her way to ancient times & stucked in our life
التعليقات
وكفى بذلك وصفا لمشاعر واحاسيس عميقة، كنت أظن أن الحروف تعجز عن وصفها.
تعظيم سلام لحديث الأرواح