قال الإمام بن الجوزي رحمه الله "كل من يتلمح العواقب ولايستعد لما يجوز وقوعه فليس بكامل العقل واعتبرهذا في جميع الأحوال مثل أن يغتر بشبابه ويدوم على المعاصي ويسوف التوبة فربما أخذ بغتة ولم يبلغ من بعض ما أمل وكذلك إذا سوف بالعمل أو بحفظ العلم فإن الزمان ينقضي بالتسويف ويفوت المقصود فالعاقل من أخذ بالحزم في تصوير ما يجوز وقوعه وعمل بمقتضى ذلك فإن إمتد الأجل لم يضره وإن وقع الخوف كان محترزا"

وإليك قارئي العزيز أقول:

قبل قيامك بأي أمر وعند شروعك في إتخاذ قرار ما لابد أن تفترض العواقب أي تفترض أسوء الإحتمالات التي قد تنتج بل والتي حتما ستترتب كنتيجة منطقية لقرارك ولا تظن أن بإفتراضك للأسوء ستكون في مصاف المحبطين فما هذا بالظن الحسن بل كن متزنا فلا تفترض أفضل النتائج وتكتفي بها فتكن حينئذ مثاليا ولا تفترض الأسوء وحسب فتكن حينها سودويا متشائما يغمر القلق حياتك ويكدر صفو عيشك بل عليك بالوسطية فإن كانت النتيجة كما تمنيت ووافق مرادك فاحمد الله على ذلك وإن حدث ما لم تكن ترجوه ولكنك قد إفترضت حدوثه مسبقا فاحمد الله أيضا واعلم أن هذا ما أرتضاه الله لك وفيه خير لا تعلمه لقصور عقلك عن إدراك الغيب فما أنت إلا مخلوق محدود التفكير مهما بلغ ذكائك وقويت حكمتك لكنها لن ترقى لحكمة خالقك الذي هو أدرى بما ينفعك لدينك ودنياك.

وأعلم أن في إفتراض الاسوء عدة فوائد منها:

- يمرن عقلك على التفكير المنطقي ومن ثم الحكمة في إتخاذ قرارتك حيث أفترضت حدوث ما قد يترتب على إتخاذه سواء كان شرا أو خيرا فلم تتعصب لأي منهما على حساب الآخر بل كنت محايدا متزن التفكير فوضعت في إعتبارك جانبي القرار سيئا كان أم حسنا قبل إتخاذه.

- يشعرك بإطمئنان النفس وسكون القلب فقد سبق لك إفتراضه مسبقا ومن ثم لا وجود للحزن لحظة حدوثه فما وضعته في حسبانك قد حدث واقعا.

- يدفعك إلى تخطيط سيناريوهات بديلة لما قد يحدث مستقبلا من نتائج قد لا ترضيك فتشجعك على إتخاذ خطوات جادة في حل المشكلة التي واجهتك.