حين "عشعش" الخوف في رأسه، طارت عصفورة من قلبه، واستقرت على "العُش" وظلت ساكنة وهادئة حتى فقّس البيض، وكبرت الفراخ التي حملت رأسه بعيدًا حِفاظًا على "العش" حملته إلى غصن على شجرة وألقت به هناك، فأصبح رأسه في مكان وقلبه في مكان آخر، لا تسألني عن الخوف! فقد سقط في الطريق.
الاقدار التي تستدرجك إلى حتفك بدم بارد، تقرّبك لترى بوضوح أحبابك يتساقطون أمام عينك، تبهت وتتألم بالخفاء، لأنك وببساطة لا تستطيع أن تقف أمامها بشجاعة وتقول كفى.
تتعثر تُقاوم تبتئس تكتئب تيأس تنشُد أمـلًا وتستعير عزيمة تفتقر للخطوة الأولىٰ وتتبنىٰ قدمين تسير بلا تراخيصٍ موقعة تُعاتب الطُرقات تُطيل البقاء علىٰ الرصيف تتبعثر خطواتكَ في جهاتٍ متفرقة تنشَّق إلىٰ نصفين ويُريدون منك أن تصل.
يُغمض عينيه بإحكام كالقفل الموجود في خزانة ذكرياتي، ويهمس بتبتلات تبعثرت حروفها كأحجية عجز العباقرة عن حلها..
وحده الإنصات جعله يرتجف ارتجافة العصفور وكأن الروح تُنفخ بدفعات دافئة تتسابق لتوقظ حلما منسيا في زاوية قَصية.
حسنا، لا ترتعب، وتذكر أن الزوايا دائما لا تكن آمنة يا صديقي.