من الإلحاد ما هو حميد وآخر خبيث كالأمراض ،فخبيثه مع اشتراكهما في ضعف الحجة في المطلق إلا أنه نوعياً أشد ضعفاً إلى حد الانحطاط ،تعرفه من أسلوب الرد والتعليقات التي تمتاز بالسخرية والتهكم وسوء الأدب في الحوار فهذا النوع المستهزء تكفل الله بهم وتوعدهم بالاستهزاء بهم و"يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ" ،وهم غير أهل للاكتراث بهم أو الالتفات إليهم لما بلغوه من اليأس مع الله.
أما النوع الحميد فهو تمرد في مرحلة عمرية في الحقيقة تكون بداية إيجابية لإيمان أكثر قوة وأشد رساخة ،يرفض فيها المتمرد خضوعه لوضع وانتماء فرض عليه بدون اختيار منذ ولادته ،ويمتاز أتباعه بالتفكير العقلاني والعلمي والاستناد إلى المنطق في كافة أمور الحياة فلا يلبث حينها أن يصفي ذهنه ويمتثل لفترة نقاهة ليفكر في الأمر من جديد وعلى أساس الفطرة ويحتكم إلى المنطق وفي الحقيقة أن المنطق هو صميم رسالة الإسلام ليتلاقا الطرفان ويحدث التوافق في مرحلة ما وتنكشف الرؤية ويزداد نوراً وبصيرة وتبدأ رحلة الأسباب والمسببات وكيف إن تأملت في كل نواحي حياتك تجد المعجزة الإلهية المشتركة بينها وهو أن الكون والطبيعة قد بنيا على السبب والنتيجة دون منطق أبعد من ذلك غير منطق وجود الله. الإحساس والحواس تثبت هذه النظرية فإحساس الألم يدفعك لإيجاد حل وإلا ستموت من المرض وإحساس الجوع يدفعك لأن تبحث عن طعام وإلا ستموت من نقص الغذاء وإحساس الحب والرومانسية يدفعك للزواج بهدف التكاثر .. أنت مجبر على السبب ولكنك مخير في كيفية الحصول على النتيجة ويتوج كل هذا الثواب والعقاب والآخرة الذي يدفعك إلى أن تكون إما صالحاً أو فاسداً.
فكما أن كل تلك النتائج ارتبطت بالأسباب كان الثواب والعقاب نتيجة للخير والشر .. نظرية هندسية نصل إليها بالاستنتاج المنطقي .. بالعلم الذي لا يمكن أن نتخطى حدوده ،حدوده التي وضعها الله ولا يمكن أن نخرج عنها بقوته وقدرته مهما كان إبداعك ومهما كانت عبقريتك أنت محكوم بنظام الله الذي ننعته بالطبيعة ولا يمكن أن تأتي بجديد إلا بجديد من الله وكل هذه الأسباب إما أن تكون حلالاً وإما أن تكون حراماً وتلك هي أدوات الله للاختبار!
ولما كان الايمان ما وقر في القلب وصدقه العقل كان جمود القلب وافتقاده إلى عاطفة الحب والرحمة عاملاً في ضعف الإيمان ،فأقرب الناس إلى الله ذوي العواطف الإيجابية ثم يترسخ إيمانهم بالعقل وأحد شواهدها النظرية السابقة.
بقلم/ عاصم بهادر
-
عاصم بهادرالكتابة عندي أمانة أولاً بأن أبلغ أفكاري التي أؤمن بها إيماني بالله ،ثانياً أن أراعي الله في كل كلمة تصل من قلبي إلى عقل القارئ لتؤثر فيه فتكون كلمتي في طريق الحق منبراً يهديه لا مقبرة تقصيه.