يوم الأرض والاستعداد الفلسطيني..

هيام فؤاد ضمرة..

يحيي الفلسطينيون ذكرى يوم الأرض التي بدأوا بإحيائها في الثلاثين من آذار من كل عام، وتعود بداياتها للعام 1976م في أعقاب احتلال ما تبقى من أرض فلسطين ومصادرة دولة الاحتلال الأراضي المملوكة ملكية خاصة للفلسطينين وتلك المشاع وكثير منها في نطاق حدود مناطق ذات أغلبية سكانية عربية، واندلعت على أثرها ثورة احتجاج كبيرة وعظيمة شملت طول البلاد وعرضها بما فيها المناطق المحتلة منذ 1948م وأسفرت عن مواجات بطولية أدت إلى استشهاد ستة من الفلسطينيين وجرح واعتقال المئات، فكانت المناسبة الأولى التي جمعت الفلسطينيون على يد واحدة، والأرض في الثقافة الفلسطينية والعربية هي الأغلى قيمة نفسيا لدرجة اعتبارها العرض والشرف كونه شعب زراعي مرتبط بالأرض ارتباطاً قوياً كونها الوطن الأم

وفي عام 1950م قبلت دولة الاحتلال بقانون العودة الأممي في مقابل السماح لها باستقبال المهاجرين اليهود من أنحاء أوروبا والوطن العربي وعليه سنت قانون أملاك الغائب للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين الغائبين ومحاصرة مدينة القدس التاريخية بالمستعمرات على مسافة ملاصقة لحضارة المدينة لتمنع على سكانها التوسع الطبيعي الذي عادة ما يتلاءم مع الزيادة السكانية المطردة والطبيعية، بل وتمادت بقانونها العنصري أن منعت على أهل القدس خاصة ترميم منازلهم القديمة أو حتى الحصول على إذنونات بناء فوقها لتحد من توسعهم وزيادة أعدادهم وتجبرهم على الهجرة خارج المدينة معولة على مسألة تغير الأجيال المتداولة على الممتلكات.

إنَّ هناك الآن عدة عوامل تحول دون التحرك الجماعي الفلسطيني ضد الممارسات الاستعمارية اليهودية على ما يؤكده مسؤول هناك، كنجاح الدولة اليهودية بإفقار العرب ومنعهم من العمل بالداخل المحتل عام 1948م وتجزئة مناطقهم العربية بالأسوار العنصرية والتضييق على الفلسطينيين حد التعجيز في استخدامهم الطرق للتحرك بين أجزاء المناطق المتبقية وفرض العزلة عليهم قدر الامكان وقانون منع التجول الذي كان يفرض على عدد من القرى المكتظة بالسكان ليحول دون تحركهم ودعمهم لبعضهم ورغم ذلك تمكن في حينه رئيس بلدية الناصرة توفيق زياد من اعلان يوم للاضراب عن العمل وعن مسيرة احتجاج اعتراضا على مصادرة الأراضي مما حدا بحكومة الاحتلال اتخاذ قرارات عدة تهديدية لمجابهة خروج الناس بالمسيرات الاحتجاجية كما هددت المعلمين والموظفين بالفصل وتزامنت أنشطة الاعتراض داخل فلسطين وفي المخيمات الفلسطينية في دول الشتات خارج فلسطين وفي الضفة الغربية مما يؤكد مدى التصميم الفلسطيني ومدى الوعي في اتخاذهم خطط المجابهة والتصدي شعبيا لقرارات العدو، وهم يدركون لو أن هناك أي استعداد حقيقي لدي الحكومات العربية لاتخاذ مواقف جادة لكان التأثير أكبر بلا شك

وقرار جعل المناسبة يوما عالمياً للأرض لاستهداف الوعي الجمعي بسلامة الأرض وبيئتها أفاد القضية الفلسطينية لأنها معنية باستهداف الوعي العام بالأجيال القادمة للفلسطينيين بالقضية الأصلية قضية فلسطين.. وقد قاد غايلورد نيلسون عضو مجلس الشيوخ الأمريكي الحركة البيئية الحديثة في جعل يوما دولياً للبيئة الطبيعية لكوكب الأرض وحدده بيوم 22 ابريل من كل عام حين بدأ الاحتفال به لأول مرة عام 1970م على خلفية تلوث شواطئ احدى الولايات بالنفط والتسبب بقتل الأسماك والطيور البحرية، فقام دنيس هايس المنظم المحلي في أمريكا بأمر رئاسي بتأسيس منظمة The Bullit Foudattion التي اتخذت قرار جعله يوماً دوليا للبيئة محتفى به دولياً منذ العام 1990م ، وقد أقيم لذلك شبكة دولية معنية بتنظيم احتفالات دول العالم التي نافت عن المائتي دولة بهذه المناسبة العظيمة، وتم وضع ميثاق لحقوق الأرض، وقام الأمريكي جون مكونيل بتصميم علم لهذه المناسبة عبارة عن كرة أرضية فوق مسطح أزرق نيلي.

كما تزامن يوم الأرض مع المؤتمر العالمي لتغير المناخ فوق سطح الأرض وحقوق كوكب الأرض المعقود في بوليفيا عام2009م ، وكذلك مع السنة الدولية للتنوع البيولوجي، وشملت المناسبة ضمنها البيئة في كل مكان وكل بيئة فوق سطح الأرض

والمعروف أن اسرائيل تعيش حالة من الاستنفار في مثل هذا اليوم وتجند كل طاقاتها الدفاعية المضادة لأي تحسب ممكن يقدم عليه الشعب الفلسطيني من قبيل النضال لأجل قضيته التاريخية، وتعتبره يوماً للاستنفار العام أمنيا وعسكريا وشعبيا وتضع في حسبتها كل التوقعات المحتملة وتحدد له وسائلها في التعامل وتتخذ لذلك قرارات مضادة صارمة، القتل المباشر والفتك بلا رحمة واحدة منها، فالأحداث الدموية الرهيبة التي كانت تحدث في الحروب الأهلية بين العرب أنفسهم في كل من سوريا والعراق وليبيا واليمن، كانت أصابع اليهود غير غائبة أبدا بالتلاعب كطرف ثالث بما يفيد تصوير حالة التوحش الآدمي العربي وفي الحقيقة هي ورجال مخابراتها من كان يقوم بذلك من خلال دس شخوص مدربة لممارسة الأعمال المتوحشة غير الانسانية، لأجل أن تشوه صورة العرب والمسلمين، ولأجل أن تعطي نفسها الحق في فعل ما هو أرحم من ذلك لاظهار نفسها تاريخيا على أنها دولة متحضرة وأن الشعب اليهودي شعب انساني يستحق العيش على سطح هذا الكوكب، وأن الفلسطينيين شعب فوضوي عنصري مجرم لا بأس بقتله وحتى إبادته إن لزم ذلك، هذه هي حقيقة اسرائيل دولة الاحتلال الصهيونية إنها بحق شيطان هذه الكرة الأرضية.

في غضون كل ذلك؛ أقرت اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى يوم الأرض أن تتكاثف جهود كل اللجان الفلسطينية في الداخل والخارج أن تقوم بفعاليات ومسيرات وحراك عام قوي يليق بالمناسية ويظهر للعالم في الخارج أن ما من قضية تموت وورائها شعب مطالب يناضل بوسائله المتاحة على بساطتها لا يكل ولا يمل، ومسؤليه يشيرون على الدوام إلى الثوابت والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حق العودة الذي تحاول دولة الاحتلال التنصل منه،والدولة الفلسطينية المستقلة على أرض الضفة الغربية التي كانت سقطت تحت الاحتلال الصهيوني عام 1967م وعاصمتها القدس، علما أن الفلسطينيين ما زالوا يواجهون التعقديات اللتي تتزايد سوءا وتعقيداً، لا سيما في ظل التدخل الأمريكي السافر من رئيسها بمنح الصهاينة مدينة القدس لتكون لهم عاصمة أبدية وكأنه هو مالكها أو مخول بالسلطة عليها لاغيا بذلك حتى حق أهلها الأصليين باتخاذ مثل هذا القرار الأرعن غير العادل وغير المدروس

وفي ظل تقليص تمويل الوكالة الدولية لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا في محاولة جديدة لاحداث انقلاب بالمواقف والغاء حق العودةوانهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين في الشتات

وتتدعي الأجهزة الأمنية الاسرائيلية وجود تنسيق بينها وبين السلطة الفلسطينية والأردن ومصر ولبنان بعد غياب سوريا والعراق عن التنسيق من أجل تفادي اندلاع أعمال شغب وعنف خلال سلسلة المسيرات التي ينوي الفلسطينيون إقامتها للفت الأنظار الدولية إلى قضيتهم التي لن يوقفها إلا حلها بعدالة