تمر الأيام والأسابيع والشهور والسنوات وحقيقة الزمن أنه لا يمر علينا سوى لحظات , منها لحظة سعادة وآخرى حزن وكآبة , ومنها لحظة نجاح وأخرى فشل وضعف إرادة , ومنها حب عنيف يكاد يخلع القلب من موضعه وأخرى كره وبغض يجعل القلب كقطعة الثلج الجامدة , ومنها ومنها .. ولكني أدركت حقيقة هامة بالدرجة الأولى , أدركت مدى لحظية هذه الحالات العديدة , إنها مجرد لحظة , ما يمر على الإنسان من مشاعر وحالات عدة ما هي إلا مجرد لحظة , تنقضي وتأتي ما بعدها لتقضي لحظتها وتنقضي وتأتي الأخرى وهكذا , أدركت أن مهما كان ما أمر به وما تمرون به من مشاعر قد تكون غضب أو حيرة أو كره أو أو , ستنقضي حتماً , حتى وإن طالت هذه اللحظة , ستنتهي بلا شك وتعقبها حالة جديدة أيضاً .. لحظية ..
ما نعيشه مدى الدهر ما هو إلا لحظات , متتالية ومتعاقبة , ولكننا لا ندرك إنها لحظية لن تستمر معنا إلا قليلاً , حتى لحظات السعادة التي تقفز بروحنا نحو السماء لتتمايل بالفرح , مجرد لحظة , ستنقضي ولكنها ستفاجئنا وتزورنا مرة أخرى , متى ؟ .. لا يمتلك عقلنا الأجابة عن هذا السؤال الوجية .. فهل يمكن التنبأ بزيارة ضيف لم يُحدد معك موعداً لقدومه ؟ , حتى الأنتظار مجرد لحظة .. فهو حتماً سيفاجئك بالزيارة ولن تنتظر مجيئه بعدها ..
كذلك لحظة الضيق والحزن العميق كذلك , مجرد لحظة أخرى من لحظات عدة تفاجئنا خلال مشوار حياتنا , ولكننا ندركها إدراك مختلف عن المعقول , نضعها موضع الأبدية , ننظر إليها أنها لن تنقضي ولن تُزيح سيطرتها عن روحنا المسكينة , نظن بل نتيقن أنها ستُكمل معنا مشوار حياتنا حتى نهايته دون أن نشعر بالفرح مرة أخرى , كم أنت مسكين إيها البشري ! ..
هل وجدت يوماً إنسان لم يتغير ؟ , لم تتغير طباعه أو طريقة حديثه , لم تتغير مبادئه حتى ولو بنسبة بسيطة ؟ , هل وجدت صديقك منذ الطفولة كما هو بعدما أتم الأربعين من عمره ؟ , كيف وجدت الفرق بين قدراتك البدنية بين فترتي الشباب والشيخوخة ؟ , هل أهتماماتك كما هي لم تتغير أم في حالة تغير لا نهائية ؟ , هل كل شئ يستمر على حالته أم في تغير مستمر ؟ , بالطبع لا يوجد إنسان يظل كما هو و لا شئ يظل على حاله ..
فكيف لهذه اللحظات التي لا حول لها ولا قوة أن تسيطر على حال الإنسان حتى يلقى وجة ربه الكريم ؟, كيف يمكن أن تستحوذ علينا لحظة ما وتحكم قبضتها على روحنا سواء لحظة إيجابية أو لحظة سلبية ؟! , كيف يمكن أن يظل الإنسان تحت حكم مؤبد من مجرد لحظة ؟! , اسمها بحد ذاته يشير إلى استحالة الأستمرار .. لا تحتاج أن تثور على اللحظة التي تعيشها الآن أثناء قرائتك , دعها تأخذ وقتها الطبيعي وتيقن أنها ستمر لا محالة , فلا تجزع منها وأتركها , حتماً ستفاجئك لحظة جديدة قريباً ..
التعليقات
فكما قلتى هنا علينا أن نترك اللحظات تأخذ وقتها الطبيعي مهما طالت.....
و علينا أن نؤمن أنها ستمر لا محالة..... والحل كما وصفته نورا هو ....
(فلا تجزع منها وأتركها , حتماً ستفاجئك لحظة جديدة قريباً ..)
دمتى كاتبة مبدعة و متألقة