أغمستْ رأسَها برأسِ الكتاب مُنفرج الصفحتين مُحتشدٌ حديثاً مُماثلتهُ المُحتوىٰ " كأنهُ إنّها " و أقاويلٌ توحدُّ ذات بينِها و ذاتُه .
ويُخيَّلُ لي تدسُّ عقلها في بركةِ ماء بصحراءٍ قاحلة فيخرج مبلولاً حُلمها يُندّي مِن خلاياه خيالاً ..
تحتضنُ حقيبتَها علىٰ جانبها الأيمن وبأيسرِها تستندُ علىٰ نافذة الحافلة المُسرِبة لنفثاتِ الهواء الشتائية مُداعبةً لوجنتيها الترِفتين .
شبه هدوء لولا صوت المذياع الضّاخْ لبكتيريا الأغانِ المُتعفنة . ترفعُ رأسها بين حين و آخر ؛ مُنصتة للسطورِ ، مُترقبةً للطريقِ المُزدحم ، مُكتظٍّ بأضواءِ السيارات ، مازجاً ألوانها بألوانِ إشارات المرور ، خالقينَ قوسَ قُزحٍ ليليّ مُختلف .
أنه مساءُ الخميس يخرجون الأفراد والأقران مُثقلين من أسبوعٍ طويل لبعضهم ، وقصير مُملٌّ لبعضٍ آخر ..
وتُرجِع الكرةَّ -هي- سادلةً رأسها لتغوصَ في عالمِ الكتاب -الذي أهداهُ لها ونصحها قراءته- ،
لم تكترث لنظراتهم وهي تقرأ ؛ -محضُّ مُتطفلين- كتابها شغلها عن التفكير بأمرِهم وما يتسفهون ، هم غير مرئيين غيرِ موجودين .. مُتَلاشين تماماً عن ناظرِها .
قراءاتها كشخصيتِها المُتلونة ، تَنقلُّها من كتفٍ إلىٰ كتفِ كتابٍ آخر كالطقسِ بأربعِ أشكال ، كشتاءِ بغداد فائق الأمزجة والتَقلُّب ..؛ فتراها تقرأ كتابين وتنهيهم بذات الوقت فتُخرجُ من الرفوفِ أزواجاً أُخر و زوجين آخرين يرقدون في مكتبتها الإلكترونية ، هُنا و هنا وهُناكَ .. تُبعثرُ بهم ؛ ليُرصفوا بعثرةَ ذاتها .
ثمةّ ثغراتٌ وحدهُ إسرافَ الكتب يُلحِمُها ؛ بحرفٍ من هُنا وجملةٍ من هُنا لتُزينُ جمالَها الفاتن هذهِ الآنسة التي تتكورُ في المقعدِ أمامي .
سلاسلُ الكلام المُتجانس بينهما مَأنتهىٰ ؛ وصولها إلىٰ البيتِ ما تسببَ بقطعِ السلاسل .
-فالأوراق ، الأغلفة و الأرواح التي تتلبسُ الأدوار وتُعيشُكَ عالماً وهميّ ممزوج بجنةٍ صنعتُها ، كلُّ هذِ الأشياء بمثابة لاصقات الجروح الطفيفة والمُزمنة التي تُلازمُنا - .