جميع وسائل الإعلام الغربية والعربية تتزاحم لنقل وتغطية اللقاء المرتقب , حالهم أشبه بطابور المصطفين أمام أفران الخبز {الحكومية} , فترى واحداً يحاول أن يسلب برشاقة غير معهودة مكان آخر تقدم عليه بضع خطوات , وترى أيضاً من يقف في نهاية الطابور يحاول أن يتصيد ولو بالنظر فقط مشهد أرغفة الخبز المقمر , والثالث يكتفي برائحة الخبز فقط.
نعم هو حال وسائل الإعلام وكيف لا ؟وهو لقاء تاريخي وحاسم .
الأهم من هذا وذاك ترى المحطات قد استقدمت المحللين من كل فج عميق , هناك بعض المحللين ظننتهم قد فارقوا الحياة بسبب ابتعادهم عن الأوساط الإعلامية ولكن هذا اللقاء كان لهم بمثابة البعث بعد الموت .
اليوم على إحدى هذه المحطات وفي لقاء حصري على حد زعم مقدمة البرنامج التي أحصت ثلاثين ربيعاً من الجمال والأنوثة وضيفها الذي أحرق سبعين عقداً من التحليل والإستنتاج تمكن التبغ الوطني خلالها من أن يجعل من صوته هدير محرك لآلية ثقيلة .
كان السؤال عن توقعاته حول الموضوع نفسه الذي نخر أدمغتنا من قبل نهاية العام المنصرم أشبه بالتسوس تماماً الذي يفتك بالأسنان .
ماهي توقعاتك حول محادثات أستانة ....؟
طبعاً الإجابة يجب أن تكون ضبابية غير واضحة المعالم حتى يشعر المتلقي بعمق الإجابة وكأنه كلما ازدادت تعقيداً ازداد فهم للموضوع , صدقاً شعرت أن اللقاء كروي فالحديث عن غياب بعض الشخصيات السياسية في أحد الفريقين تبادر إلى ذهني أن يتبعها بكلمة بداعي الإصابة .
وإضافة على ذلك حين كان ينعت الطرف الروسي بالقيصر ونظيره التركي بالسلطان مخيلتي قادتني إلى أن آرى في بوتين مدرباً يقف على خطوط التماس موجهاُ حركة الفريق وأردوغان يجلس على دكة الإحتياط مع البدلاء يعطيهم بعض الإرشادات .
التحليل فعلاً كان هكذا حتى مصطلح محادثات أستانة تشعر وكأنها أحد الملاعب في كازخستان حالها كما {الكامب نو }و {سان سيرو }.
هل من المنطق أن تنجح هذه المحادثات في إيجاد مخرج للأزمة السورية ؟ سؤال آخر من تلك الفاتنة وإجابة ضبابية آخرى وكأنه أراد القول أن اللقاء سينتهي بالتعادل السلبي , طبعاً لابد أن يمرر بعض التوقعات حيث قال : أن للروس حظوظ وافرة بعد إختيار أستانة فضلاً عن أي عاصمة أوربية آخرى وكأن الروس في نظره منتخب نجح في إقصاء أقرانه الأوربيين في التصفيات المؤهلة , وحين قال : أن السلطان العثماني يحاول إعادة أمجاده القديمة , شعرت أن هذه العبارة قد نسخها من قاموس عصام الشوالي المعلق الرياضي الشهير .
لكن الأعجوبة أن الأزمة سورية , والفريقين سوريين والحل منطقياً سيراً على المعطيات الموجودة وجب أن يكون سورياً , لكن ابن السبعين عقداً خلال تحليله كاملاً لم يتطرق أبداً لذكر أي شخصية سورية , ستشارك في الحل عير مباراة أستانة ...عفواً محادثات أستانة .
بعد السنوات الستة التي مضت وأثقلت كاهل الشعب السوري قتلاً ودماراً وتهجيراً انتهى به الحال ليكون مشاهداً ومتفرجاً ومشجعاً وفي أحسن الأحوال يشاهد المباراة من مدرجات استاد أستانة الدولي .
انتهى اللقاء وشعرت بأن المقدمة والضيف سيتمنيان حظاً سعيداً للفريقين اعتراني شعور بأن حتى كلمة مشاهد أو نظريتها متفرج أو حتى مشجع لا تصف حالتي أو حالة أي مواطن سوري في الحقيقة أننا نحن الكرة التي سيتقاذفها الفريقين ركلاً في هذا الكلاسيكو وفي المباريات القادمة .
-
أحمد خضر أبو إسماعيلالكاتب أحمد خضر أبو إسماعيل من مواليد 26.3.1993 سورية .سلمية كاتب في القصة القصيرة