الضحيـــة .. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الضحيـــة ..

ستصبح ضحية لحظة لم تكن تعي مدى خطورتها على إنسانيتك , وبعد أن تعي ذلك يكون الآوان قد فات !! فإليك تلك اللحظة التي قد تصادفك بعد لحظات دون أن تدرك حقيقتها المُهلكة ..

  نشر في 14 ماي 2018 .

العنوان قد يكون غامض بعض الشئ لعقلك دؤوب البحث والتقصي , قد تُساورك بعضاً من الحيرة حيال مضمون موضوعنا لليوم , ولكن قبل أن ينتابك الغموض وتُسيطر عليك حيرة قاتلة لراحة بالك وصفاء ذهنك دعني اُخبرك شيئاً هاماً يجب أن تضعه في إعتبارك قبيل بدأ قرائتك : لن نتحدث عن ضحايا حروب أو دمار , فا ضحيتنا اليوم قد تخطت هذا الألم والمعاناة , والحرب التي تعرضت لها وجعلت منها ضحية كان دمارها أشد وأقسى ما يكون , فهل أنت على إستعداد للتعرف على ملامح تلك الضحية المسكينة التي لطالما بغضت هذا اللقب أن يُطلق عليها ولو للحظة ؟ ..

هي ضحية الإنتقام ..

كان ولا يزال الإنتقام هو الدمار الوحيد الذي سيُنزل على نبض إنسانيتك هلاك لا يمكنه تحمله , كم من مرة توالت عليك صدمات عدة من أشخاص لم تتوقع منهم تلك الصدمة وعكسوا توقعاتك بإميتاز وعن جدارة ؟ , حتماً قد تعرضت لتلك الخيبات المؤلمة المُبعثرة لثقتك بهم , ثقتك العمياء بهم وإن صح التعبير وأردنا مواجهة حقيقة أمرنا تجاهم من خذلونا بمنتهى البساطة !! , كانت تلك الصدمة بمثابة سقطة قوية من إرتفاع شاهق لمبنى كمباني نيويورك العملاقة , هل استطعت تخيل مدى صدى تصادم جسدك النحيل البائس ب " أسفلت " الحياة القاسي المتماسك الذي لا يسقط عليه شئ إلا وأن يتفنن في تكسيره إلى بللورات لا تُرى بالعين المُجردة وقد لا تُرى بها حتى !! , هكذا أصبحت أنت بعد تعرضتك لصدمة أبشع ألماً من تلك الصدمات الكهربائية المُنعشة لقلبك عند توقفه , فبعد أن تستفيق من تلك الصدمة وتبدأ في أخذ بعضاً من أنفاسك المتقطعة الثقيلة تمد بصرك وتنظر في وجوه من حولك في مواساتك لمأساتك لتتساءل : أين هم من تسببوا في إيلامي بهذه الطريقة البشعة ؟ , أهل هم بتلك القسوة القاتلة التي تمنعهم أن يأتوا ليطمئنوا على من تعرض لصدمتهم حتى ؟ , فتبحث وتبحث وتُكثف البحث , نظرك يتصاعد مرة ومرة أخرى يتداخل بين أجساد البشر حولك فقد يكونوا مُتخفين بالخلف منهم , تحاول أن تجعله ينفذ خلال حوائط تلك الغرفة الضيقة التي لا تسمح لك بأخذ نفسك كما تريد فقد يكونوا على الجانب الآخر من غرفتك يضعون آذانهم على حائطك ليطمئنوا أن صدى نبضك لا يزال يعمل ويدب في أرجاء الغرفة , ولكن وبعد كل تلك المحاولات الفاشلة والتوقعات الأفشل بشأنهم التي تزيد عليك من الصدمات صدمة أخرى تكاد أن تفقدك صواب قلبك تقرر أن تفعل شيئاً لم تكن تدري عاقبته عليك أنت أول البشر , لم تدري أنه قرار اخذته في وقت خطأ وهو أكثر خطأ منه , قررت وفي لحظة أن : تنتقم .. ويا ليتك لم تقرره !!

تبدأ بالتحضير والترتيب والتجهيز لهذه العملية الحاسمة لأمرك , فتُقسم أن لا تخرج من تلك الحرب إلا فائزاً منتصراً , ولكن كيف ستنتصر في هذا الحرب وأنت محاربك أنت وليس محاربهم هم ؟! , لقد تناسيت حقيقة واضحة كشمس الحياة الحارقة , هي في حدة وضوحها قد تحرق وتُذيب قرارك في لحظة ولكنك قد تغافلت عنه , هذه المعركة لن ينتصر فيها أي طرف من الأطراف المُتنازعة , لا أنت ولا هم , لن ينتصر فيها سوى رغبة الإنتقام المُنقسمة كإنقسام بعض الكائنات التي يُخبرنا عنها علم الأحياء , إنقسام متكرر لا يتوقف , يزداد في تكاثره ولا يعبأ لشئ أياً كان , يتضاعف وينمو فيكبر فيشيخ فيعود فرداً أخر منه لينقسم مرة اخرى وتظل هذه الحالة مستمرة إلى مالانهاية , هو كذلك في حالة الإنتقام , فالإنتقام والإنقسام وجهان لعملة واحدة : تدمير إنسانيتك ..

مع أول محاولة وترتيب لتنتقم ممن وجهوا لك ضربة قاسية قاضية تبدأ تلك الرغبة في الميلاد داخلك , ومع كل محاولة يزداد نموها وتنضج أكثر فأكثر لتشغل حيز كبير داخل حيز إنسانيتك فتبدأ بالضغط على كل معاني الإنسانية المُزينة لك بسبب زيادة حجمها مع كل لحظة تمر إلى أن تتحول إلى الحيز نفسه وتملئه تماماً , ولن تكتفي بذلك فقط , بل ستبدأ هي بالإنتقام منك لأنك من بدأت بتلك الفعله التي لا تُغتفر , فتجدها تُزيد في نهش إنسانيتك أكثر فأكثر لدرجة لم تكن تتخيلها أن تحدث !!

لحظة الإنتقام ..

ليست باللحظة التي تسترد فيها حقك أو تستشعر فيها برد ما سُلب من كرامتك , هي السلب ذاته !! , هي سلب الإنسانية الأول والأخير , هي قاتل وسفاح لمعاني التسامح المُترسخة داخلك , فكيف للحظة أن تفعل ما فعلته بك وأنت من ساعدها من البداية على التفشي فيك والبدأ بمحاربتك أنت وليس محاربة أحد سواك .. كانت وجهة النظر والمُعتقد حينها أن إنتقامك هو الحل لما قابلته من خيبة أمل وثقة ممن كانوا يمنحوهم لك دون أن تطلب منهم ذلك , ولكن وحدك الآن أصبحت الضحية لقرار لم يكن لصالحك لحظة .. قد وجدتك تلك اللحظة فريسة سهلة الإصطياد والنهش دون رحمة بكونك بشري لا حول لك ولا قوة , مجرد بشري قد يُخطأ أو يُصيب وها هو آخر أخطائك , وهو ليس بخطأ بسيط بل هو خطأ فادح جسيم لن تخرج منه كما كنت قبله , لن يمر عليك مرور الكرام ..

فخذ حذرك من الآن ..

إن لم تجد توقعات مثلما توقعت فانتظر قليلاً ولا تتسرع , ففي لحظة التسرع هذه يكمن ويستتر وحش مُتخفي لن يتركك بحالك وأنت من تفك قيوده بيدك ..



   نشر في 14 ماي 2018 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا