بين الألم و الأمل - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

بين الألم و الأمل

  نشر في 12 شتنبر 2019 .

سمعنا كثيرا عن وجود دور رعاية الأيتام و الأطفال المتخلي عنهم لكن ما بدى لنا غير مألوف هو وجود دور العجزة و المسنين ببلادنا.

في ما مضى لم تكن رعاية أجدادنا و أباءنا و أمهاتنا عبأ على الأسرة, بل كانوا يتمنون رعايتهم و اعتناء بهم للحصول على رضاهم و رضى الله، بل كان المجتمع بأكمله ينظر إليهم نظرة تقدير و احترام باعتبارهم العقلاء و الحكماء و أصحاب نظرة صائبة الذي ينبغي علينا استشارتهم و الاستفادة من خبراتهم في الحياة. فلماذا أصبح بعض عديمي الأخلاق يرمون ابائهم في شارع عرضة للكلاب البشرية؟ هل نحن حقا أمة إسلامية؟ أم العولمة أضحت مسيطرة حتى على الأديان.

إذا ذهبنا لدور الرعاية و سألنا كل عنصر فيها سنجذ أن معظمهم لديهم أبناء راشدين و ربما متزوجين، فمنهم من جاء بأمه لأن زوجته لا تريدها في البيت و اخر جاء بأبيه لأنه يشكل عبأ عليه. و هذا الوضع هو ما يجعلني أطرح عدة أسئلة في قرارة نفسي.

كيف لهذه الأم التي حملت بنا لتسعة أشهر و تحملت آلم الولادة و تكبدت عناء التربية و بكت عند مرضنا و حزنت لفشلنا و فرحت لنجاحنا و ساعدتنا لدخول القفص الزوجية و حملت أطفالنا بين دراعيها يكون جزائها المكوث بين أربعة جدران خالية من دفئ العائلة البيولوجية، و كيف لأب تحمل صرخنا و بكائنا ليلا و نحن صبيان و عمل ليل نهار لتوفير لقمة عيش أن يقضي بقية حياته في كنف أسرة لا تربطه بهم صلة لا من قريب و لا من بعيد.

فالأم بإمكانها العناية والتربية سبعة أطفال أو أكثر في آن واحد و هذا أمر طبيعي لكن الغريب هو عدم قدرة أولادها السبعة عناية بها عند العجز و الكبر. هل صحيح ما يقال، أن الأولاد لا يقدّروا و لا يحسوا بقيمة الوالدين إلا حينما ينجبوا فلذت كبدهن؟ يبقى هذا السؤال مفتوح على مصرعيه نظرا لاختلاف نتائج مأخوذة من أرض الواقع.

فالولدين سريعين الرضى بإمكاننا إرضائهم بشتى الوسائل و الطرق غير المكلفة، من بينها:

-تخصيص وقت لزيارتهم و الجلوس معهم

-قضاء احتياجاتهم قدر المستطاع كالذهاب معهم عند الطبيب، و شراء الهدايا لهم، و إحضار مستلزمات و متطلبات منزلية من مأكل و مشرب و ملبس.

-عدم نعتهم بأناس ينتمون للجيل القديم و أن أفكارهم لم تعد صالحة في هذا الزمن.

-عدم مقارنة بين الأم و الزوجة لأن لكل واحدة منهما لديها حقوقها.

-اصطحاب الوالدين لنزهات الخفيفة.

-..........

فلا يجوز وضع الوالدين في دور رعاية لأنه محرم شرعا و ذلك استنادا لقوله تعالى: { و قضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه و بالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف و لا تنهرهما و قل لهما قولا كريما و اخفض لهما جناح الذل من الرحمة و قل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} الاسراء 23,24.

كما قرن الرسول الله صلى الله عليه و سلم العقوق الوالدين بالشرك بالله والتي تؤدي بصاحبها إلى النار و العياذ بالله، فقال الرسول عليه صلاة و السلام: ألا أخبركم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله و عقوق الوالدين. رواه البخاري و مسلم.

و من أسباب عقوق الوالدين هو تعود الأولاد منذ نعومة أظافرهم على الأمور المادية متجاهلين تنميتهم من الناحية الروحية، كما أن المشاكل العائلية تلعب دورا هاما في جعل بعض الأبناء يتعرضون للانحراف الأخلاقي و تعاطهم للمخدرات و الكحول دون أن ننسى المشاكل التي تشب بين الزوجة الابن و الأم.

إلا أن مركز رعاية المسنين يبقى ملجأ أمنا لبعض الحالات، كأناس ليس لهم الأولاد أو غير متزوجين نهائيا و لا يملكون مسكنا قارا و ليس لهم القدرة على العمل كما أن بعضهم لا يتمتعون بصحة جيدة. و تعمل هذه المراكز لحمايتهم من التشرد و من امتهان حرفة التسول التي باتت ظاهرة متفشية في البلاد نتيجة الفقر المدقع. فهي على الأقل تقدم للمسنين الحنان و العطف و الرعاية الطبية.

ما يسعني قوله هو اللهم لا تجعلنا مِنْ مَنْ يفعلون ذلك أو مِنْ مَنْ يفعل بهم ذلك. كما أوجه رسالة لكل من وضع والديه أو أحدهما في المركز: ألا تشعر بخطورة هذا التصرف البشع؟

كم من أم محجوزة داخل غرفة تبكي على شبابها الذي ضاع هباء دون تقيمه من طرف الأبناء.

فالإعلام يلعب دورا هاما في إبراز خطورة عقوق الوالدين كما يساهم في إيصال الرسالة مفادها كما تدين تدان، على سبيل المثال، فالبرنامج "حبيبة مي" أمي الحبيبة من أنجح البرامج الذي يعرض حياة النزلاء من بدايتها إلى نهايتها، كيف كانوا معززين في ديارهم حتى أصبحوا مذلولين من طرف من تعذبوا و تعبوا من أجلهم.

دون أن ننسى مقولة شهيرة التي تلخص الوضع بأكمله و التي تعود للراحل المغفور له الملك حسن الثاني " في يوم الذي ستفتح فيه أول دار للعجزة في المغرب سيكون مجتمعنا في طور الانقراض


  • 5

  • أمينة بن ابراهيم
    المُنافسة الحقيقية دائماً ما تكون بين ما تقوم بعمله وما أنت قادر على عمله، إنك تقيس نفسك مع نفسك وليس مع أي شخص آخر. الشخص الذي يمكنه أن يكون أي شخص ويصنع أي شيء سوف يتعرض للنقد والذم وإساءة الفهم، هذا جزء من ثمن العظمة.
   نشر في 12 شتنبر 2019 .

التعليقات

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا