اعطني خطابك فقط وامض! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

اعطني خطابك فقط وامض!

  نشر في 17 ديسمبر 2018 .

إلتقينا غير بعيد عن مكان اول لقاء جمع بيننا، كانت تبدو اكثرصمتا و اكثر اصرارا على الكلام،غيرتها السنوات الاخيرة قليلة لم تعد متطفلة تطرح الكثير من الاسئلة و لم تعد تدقق في التفاصيل ذلك التدقيق المرضي،وتوقفت عن محاولة ايجاد تفسير منطقي لكل شيء،بعد السلام وواجب السؤال المحض،بدت وكأننا لم نفترق لكن كما قال محمود درويش كانت الحقيقة اننا لم نفترق ولكن لن نلتق ،حاولت نزع فتيل الصمت الذي كان كلانا غارقان فيه،على الاقل كان هذا هو الشيء الذي لاطالما كان سيد لقاءنا،وبادرت بالسؤال ماذا فعلت بك السنون؟ردت متمنعة كعادتها،لقد فعلت ما فعلت بك وبي و الاخرين،قالت ربما كبرت قليلا ،وتغيرت ربما للاحسن وربما للاسوء فعلى كل حال طبيعتنا و شخصياتنا لا تقبل التكميم او حكم القيمة،ربما توقفت عن طرح اسئلتي الطفولية لاني فهمت ان المغزى منها لم يكن يوما ايجاد الجواب لكنه فقط كان عذرا طفوليا للاقبال على الحياة و اليوم صار في بعض الاحيان  شرطا و احيانا اخرى مجرد منفذ نهرب منه منا و إلينا،ربما ازدادت بضع سنين في رصيد العمر و ازداد معها كثير من الزهد فيما مضى ،ولم تعد كل الاحاديث و النقاشات مدعاة للخوض فيهاحتى الصحب لم يبق منهم الا القلة القليلة او على الاقل اصدقهم .درس اخر كان ثمرة هذه السنون انها لاتبقي غير الاجدر.


ضحكت ساخرا كعادتي في محاولة لاستفزازها،لااظن انك تغيرت فلازالت احاديثك الافلاطونية نفسها نفسها،لم تبدو متأثرة و قالت بنبرة يملؤلها الكبرياء ،هذه وجهة نظرك تلزمك انت اكثر مما تلزمني،ففي نهاية المطاف الاحكام التي نصدرها نابعة من طريقة رؤيتنا للاشياء، تنعدم فيها الرؤية المطلقة فلكل ذات نظارات ترى بها العالم و ما حولها،واكثر محاولتنا غباءا ان نجبر او نحاول اقناع الاخرين برؤية ما نراه ،فلربما لو قدر لاعمى ان يرى لفضل السير في الظلام لان اكثرنا هكذا يقدم نفسه قربانا للامان على خوض المغامرة ولو في شقها الفكري فقط.


لم يرض منطقي الذكوري هذا الافحام  و نازعت لساني في مطاوعة دواخلي التي عادة ما يحاصرها الخجل واجبرتها على عدم الهروب و البوح دون قيود،فقلت لها اتفق معك،فبدت مستغربة و تعلوها ابتسامة و سعادة قيصر يمشي الخيلاء قبيل دخوله قوس نصر،واردفت لايسع المرء ان يمشي مغمض العينين عن واقعه ونوازع ذاته وربما يكون الرهان الاكبر في حياتنا او اكبر معاركنا ان نتصالح مع ذواتنا و نحاول الى حد كبير فهمها،ولا اخجل او اخفيك السر ان قلت لك اني مازالت في مرحلة السؤال لكني ابتعدت كثيرا عن رغبتي في ايجاد الاجوبة لانها صيغة ارسم بها واقعا متغيرا استطيع حمل نفسي على المضي فيه اكثر فاكثر،او ربما الاهم الانسيابية التي اطبع بها دفق الواقع او المعطى الخارجي الذي صار بعيدا منفيا تحت وطأة السؤال مانحا فرصة الاقبال للذات على نفسها .


ربما هي حالة من الزهد او ربما صيغة من صيغ الاستمرار التي يقتضيها قدر التكيف او الانبعاث حين نكف عن رؤية العالم من منظور الجميع،ففسحة السلام مبدأها ههنا حيث تقف الذات عارية من كل متعلق مادي معنوي مانحة العقل شرف جمع قطع احجية و جودها .و حين يبدو عاجزا او منهكا لابد له من جرعة حوار وجلسة مع النفس كما نفعل الآن......ردت علي نفسي يالك من ماكر اجيبك بالتمنع فتأتيني تحت ستار السؤال...فقلت كل الطرق تؤدي اليك او ربما انت الطريق والدرب معا اما انا فمجرد شاهد لااقول الا تملين علي حين اصادفك...لكن احيانا ليس الامر مهما.اعطني خطابك فقط و امض ! فانا ككل العشاق قد نمضي الدهر نقرأ الخطاب على امل اللقاء من نافذة قطار آخر....


  • 5

   نشر في 17 ديسمبر 2018 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا