يقول الرئيس الامريكي الأسبق ابراهام لنكولن " "إن أفضل طريقة للقضاء على العدو، هي أن تجعله صديقا."
ربما تواردت ذات الخاطرة الى ذهن الدبلوماسي الفذ أحمد داوود أوغلو عندما ابتدع نظرية العمق الاستراتيجي, تلك النظرية التي ساهمت في نقل تركيا الى نقلة واسعة على خارطة السياسة الدولية فتجاوزت جلّ أزماتها و أنعشت اقتصادها و طوّرت علاقاتها بجيرانها.
و بالنظر الى ما كانت عليه الجمهورية التركية قبل العقد الذهبي – عقد العدالة و التنمية- ثم ما آل اليه حالها عقِبه يمكن ببساطة ملاحظة الفارق الكبير بين الحالين, لقد حققت تركيا نمواً اقتصاديا قدره 6.5%, كما ارتفع دخل الفرد التركي من 3492$ الى 10504$. و استطاعت تحييد مشاكل الجيران, و منهم من كسب صداقتها و منهم انتظر الفرصة ليظهر العداء كلما لاحت له الفرصة.
و قد استطاعت تركيا عبر النمو الاقتصادي القوي و الموقع الاستراتيجي المتميز و الارث الثقافي العريق ان تُفعّل أدواتها الدبلوماسية لتحقّق لها و لغيرها نجاحات رائعة و لتحجز لنفسها مكانة مرموقة على خارطة القوى الدولية فأضحت فاعلا اقليمياً و دولياً قوياً لا يمكن تجاوزه. لقد تمكنت الدبلوماسية التركية من مراكمة هذه الانجازات كونها ارتكزت الى قيمٍ أصيلة و إرثٍ تاريخيٍ عريق و فعّلت وسائل معاصرة و مارست دبلوماسية مرنة فجمعت بين الحسنيين أصالة القيم و معاصرة الوسائل.
إنّ عودة تركيا الى إرثها التاريخي في الشرق الأوسط و الدفاع عن قضاياه و العمل على نصرة المستضعفين و المظلومين لهي عودة الى الجذور العثمانية العريقة بما تمثله من قيمٍ و حضارة و قوةٍ و تميز بما في ذلك العمل الدبلوماسي الراقي, و قد عُرف عن الخلافة العثمانية في زمن عزّها نُصرة الحق و أهله, كما عرف عنها تميز و رقي عملها الدبلوماسي. لقد فعّلت تركيا رؤيتها العميقة و مبادئها العريقة و وسائلها الحديثة فتمكنت بفضل الله من تقديم نموذج أمثل للدبلوماسية المتحركة المرنة صاحبة اليد النظيفة.
و على قدر النجاح تكون التحديات, فتركيا التي تمسكت بمبادئها و قيمها و دافعت عن الحق و أهله, فناصرت المحاصرين في غزة و المقصوفين بنيران المدافع, و وقفت الى جانب المقتّلين في سوريا, هي اليوم تخسر حلفائها فقطعت علاقاتها بإسرائيل -أحد أهم شركاؤها الاقتصاديين و العسكريين- كما و قطعت علاقاتها بجزّار سوريا –صديق الأمس- و ما ذلك الا ايماناً منها بعدالة القضايا و وجوب نصرة الحق, إنها تُمتحن اليوم في دارِها و استقراراها و علاقاتها بجوارها و تتعرض بين فينةٍ و أخرى الى أزماتٍ و تحديات الا أنها و بفضل الله ثم بفضل حكمة أبنائها تمكنت و ستتمكن بإذن الله من تجاوز كل الصعاب.
-
Suad Ghaben.....I am holding the master degree of Physical Therapy and interested in politics