هموم معطل... أيامه كجرة كمنجة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

هموم معطل... أيامه كجرة كمنجة

خاطرة أدبية

  نشر في 04 مارس 2015 .

هموم معطل... أيامه كجرة كمنجة

تمشيت قرب البحر، في دهني صوت الموج الذي لم يصبني بالغثيان... افترشت حلمي، على حافة سرير الشاطئ... كانت حنونا، وهي تـُمسد شعري برفق... تفرج أصابع يدها اليمنى، تشبكها في الشعر المسدل لمقدمة الرأس... كأنها تتحسس نبضي الصباحي.

أمام البحر، سرحت في هذا الترتيب الخرافي الذي مزق حياتي... في سبيل لـَحـْمِ الشرخ، وتعود الأحبة كما كانت... نتحادث طويلا... فتضاء العتمات أمامي...

وحدة التأمل تسود تلك الفجوات البيضاء... بوح فجائي يعكر أنين شعاب الدروب الضيقة صداه يتردد في غرفة العقل: سأغير البرتوش، وأضع كل الأحجبة التي تأمر العرافة بها، أتبخر بالحرمل والفاسوخ والقنب الهندي دون نسيان أوراق الكيف وشواهدي المعرفية...

لم أعد أتذكر منه غير تصادي المناحات الموغلة في الضيم... في الفتنة المعدلة بشيء من الانفتاح، في الليل هو كمين النهار، في هذيان الخيبات المحتملة والمؤكدة في صورة الكائن... تكلمت عن عرين ورائحة فم الأسد النتنة... لم أستطع مسايرة إيقاع تفكيري وتأبيني... الهواء لا يسعف رئتي...

لملمت رعونة شرودي. اكتشفت أن الوقت تأخر على شاطئ الحياة. يمتد بصري لبحر الواقع. أرى طفل وطفلة يلعبان وسط الماء. يعودان إلى الرمل لبناء قصور رملية جميلة، سرعان ما تتساقط على أمواج الأوهام. لم يمنعها الظلام الذي بدأ يسقط على ذاكرتي... فاللعب حرية. أرى عاشقين يقبلان بعضيهما دون وجل المستقبل... أرى شبان يلعبون الكرة بحماس على عشب الحياة... أرى جماعة منهم يتقدمون نحو شاطئ الأوهام، بانتظام، يبدؤون في تنظيف ذاكرة المكان، بعد يوم حزن حافل... أرى شبان آخرين يغنون ويرقصون على أنغام الغد المشرق... أرى حالما على صخرة اليم يغسل خصيلات خيبته على أوتار الغياب وحنين الوعود... أرى فتاة تجلس على كرسي من كراسي الكورنيش، تمسك كناش الوجوه لصاحبه إياه، تحاول أن تقرب بصرها لترى حروف أملها المغبون، تحت الضوء الشاحب للمصابيح القديمة...

أشعر بألفة المكان، يخالجني شعور الراحة والأمان، وشل وصل إلى مستقر له... فأواصل المشي قرب بحر القرف... أداري جرحي الطري في روح متهرئة من صفحات الزمن والوله...

تنزاح الأبصار عني... وكان داخلي عاصفا، بقوة التيه... أستنشق هواءًا مديدًا، مـُركزًا بصري عميقا خاشعا يتوغل مثل شعاع في فرح، بشعاع وقد تناثرت عبر الزمن سبائكه الذهبية... أركب قطار الحياة... المعلق بين الروح والعدم... فجأة، صفا الذهن، واتضحت شمس الحديث...صعدت سخونة الغضب إلى رأسي. قررت أن أصمت.

صمت كي لا أعيق خطأ لا أعرف سببه... قررت أن أترك الأمور لأقدارها... صمت قوي... ظل الباب يتحرك لفترة بفعل قوة الركلة... لم يكن أمامها بابًا لتغلقه غير باب علاقتنا الذي ظل مـُواربًا لوقت ومفتوحًا على مصائر ملونة...

أتبت الزمن بأنه حقيقي... شعرت لبرهة بالفخر والسعادة... وأنا أفكر في العمل والقوت... وفي ياء النسبة التي جعلتني أمتلك العطالة والتشرد، وأتذوق مرارة قطران وطن جاحد.... دون شريك...

الشمس ستطلع من دمي... وأيامي هي جرة كمنجة... استوطنها الدهشة التي سقطت محاجر شعب فوق قبر التاريخ... الليل سيربط جياده بشوقها الحرّون أمام أعتاب ضجري السائب...

سعيد تيركيت

الخميسات 04 / 03 / 2015


  • 2

   نشر في 04 مارس 2015 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا