النمطية
تعريف النمطية , كيفية التعرف على الانسان النمطي , النمطية الفكرية اسبابها و اثارها
نشر في 10 أكتوبر 2018 .
اتعجب من الانسان الذي لا يحاول ان يغير من كلماته التي يقولها لاصدقائه كل صباح ! ذاك الانسان الذي عندما يباشرك بالكلام لا يحوي قاموسه سوى تكرار الشريط المعتاد : (( ما هي احوالك ؟ ما اخبار الزوجة و الاطفال ؟ ماذا تناولتم على الغذاء )) ، هذا الانسان يكاد يكون اقرب للعبودية منه للحرية ، فالحر هو من يحتوي افكاره و سلوكياته لا هي من تحتويه و تسيطر عليه و كانها جزء لا يتجزأ من جسده ، هذا الانسان الذي لا يملك قدرة ذاتية على اتخاذ القرار هو الانسان النمطي ، في المقالة التالية سيتم التعرف اكثر و الخوض بشكل عميق في تحليل مفصل لهذا الانسان من الناحية الفكرية .
يعرف الانسان النمطي على انه الانسان الخاوي من الابداع ، الذي يقوم بروتين واحد يومياً و على وتيرة واحدة و في اوقات واحدة و بطريقة واحدة ، هناك الكثير ممن يختلط عليه الفرق بين مفهومي النمطية و المنطقية ، إذ إن العديد من عامة الناس لا يفرقون بين الانسان النمطي و المنطقي ، فالانسان المنطقي هو الذي يعمل العقل حتى يستطيع الوصول الى التصرف الصحيح و السلوك السديد في اي جانب من جوانب حياته اليومية و ينتقي انشطته اليومية تبعا لما يراه صحيحا ، على عكس الانسان النمطي الذي يصر على اداء الروتين ذاته كل يوم و لا يتمتع بعقلانية في اختيار انشطته ذلك انه تابع لمنهج معين لا يحاول ان يزيغ عنه و لو بشعرة ، لكن مالنا و للنمطية في السلوكيات ؟ لنفصص محتوانا الان في التحدث عن اخطر انواع النمطية ، ذاك النوع الذي يقتل الامة قتلاً بطيئاً ، إنها النمطية الفكرية .
تعرف النمطية الفكرية على انها اتباع الانسان لافكار و اراء محددة على الرغم انه لا يؤمن بها او لا يفهم محتواها و اهدافها و يرجع السبب في ذلك الى ان الشخص الذي يتمتع بنمطية فكرية قد استمع لافكار جاهزة غير مقننة او مدروسة ، لم يبحث في تفاصيلها جيداً ، لم يتناولها من ثقاة ، لم يتعمق في دراسة تاريخ نشأتها و الغاية من انشائها .... الخ ، و للاسف اصبح لدينا في وطننا العربي العديد ممن يتبعون افكار نمطية و هم منتشرون بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي حتى اصبحت لا تخلو تغريدة واحدة على تويتر من هؤلاء ، و هم غالباً من متبعي العلمانية اللا دينية مع العلم ان 90% منهم ان لم يكن 100% لم يقرأوا و لا حتى كتاباً واحداً عن الفكر العلماني حتى و ان كان كتاباً مضللاً ، و هنا نستنبط بعض الاسباب التي دفعت الشباب العربي الى النمطية في التفكير :
اولا : // التعليم المدرسي ،هناك احصائيات من قبل احدى الجامعات الامريكية تقول ان الشخص منذ ولادته الى ان يبلغ سن السادسة من عمره تكون نسبة الابداع لديه 90% ، عندما يدخل السابعة تنخفض نسبة الابداع الى 10% ، الم يعلم احدكم لماذا بعد؟ النظام الدراسي يقتل الابداع في العقل كما تقتل السجائر رئة مدخنها ، ذلك لان الطفل عندما يدخل المدرسة يكون متلهفاً و متحمساً لمعرفة الكثير عن هذه الحياة ، يريد ان يشبع فضوله الذي هو احد سمات الابداع دون نقاش ، لكن كيف يرد الاستاذ المبجل على ذاك الطفل البريء ؟ (( عندما تكبر ستعلم يا عزيزي )) ، و هذا كله يمكن تلخيصه بمقولة اعجبتني جداً حين قرأتها : (( بولد المرء جاهلاً و بالتعليم الاكاديمي يصبح غبياً ))
ثانياً : // ان احداً من شبابنا لم يفكر ان يضيف اي حصيلة معرفية الى تعليمه المدرسي ، هذه الحصيلة المعرفية الاضافية يطلق عليها التعليم الذاتي و هو المقياس الحقيقي الذي عليه يتم التفريق بين الشخص المتعلم و غير المتعلم ، فالمناهج المدرسية و خاصة التي تختص بالعلوم الاجتماعية مثل التاريخ و الجغرافيا تكتب طبقاً لاهواء المسؤولين في الدولة ، فالمسكين يظل معتقداً ان الدولة العثمانية دولة استعمارية حتى يكتشف بنفسه من المصادر الخارجية ان ما تعلمه كان باطلاً ، و مما شد انتباهي حول التعليم الذاتي مقولة جميلة تقول : (( التعليم المدرسي سيجلب لك وظيفة اما التعليم الذاتي فسيجلب لك عقلاً )) .
هل كان اول ما خطر على ذهنك عندما قرات ( النمطية الفكرية ) هي العلمانية ؟ ان كنت كذلك فاهنئك على حسن الاختيار ، نعم متبعو العلمانية اللادينية المتطرفة يشغلون الجزء الاكبر من الاشخاص النمطيين في الوطن العربي بل و في العالم باسره ، و السبب بسيط جدا ، عندما ارادت الولايات المتحدة الامريكية تكوين النظام العالمي الجدبد لم تستخدم الاسلوب العسكري بل استخدمت سلاح اكثر فتكاً ، سلاح الثقافة و الفكر و عمدت الى نشر الثقافة الغربية في كل ارجاء الدنيا ، و ذلك عن طريق السيطرة على الوسائل الاكثر جاذبية لعقول الناس ، وسائل التواصل الاجتماعي و الفضائيات ، فنرى الان العديد من المسلسلات التي تنتجها هوليوود تعظم الثقافة الغربية و تحاول النيل من عدة شخصيات كان لها دور كبير تاريخياً ، من كان يعلم على سبيل المثال ان جاك سبارو ليس طاغية كما تصوره السينيما الامريكية ؟ من كان يعلم ان ذلك القرصان ذو اللحية الحمراء في فلم قراصنة الكاريبي كان رجلاً نبيلاً و انقذ الكثير من الابرياء ؟ اذاً لا اسهل على الغرب من نشر العلمانية و الدعوة اليها على مسمى (( فصل الدين عن الدولة )) .
(( ان وأد الافكار و اغتيال الاراء و اخماد الحوارات البناءة هي افعال نمطية يتنطع بها بحجة الحفاظ على عقول الناس و لكن العقول لم تخلق لكي تراعى مثلما تراعى البهائم ، بل خلقت لكي تنطلق و تفكر و تضج فيها اصوات الافكار المتعاركة ، العقول ساحات حرب خصبة للافكار و كلما تعاركت الافكار في داخل الانسان عم السلام خارجه )) نعم صدقت عزيزي ياسر حارب !! خلقنا لنكون بشراً و لنكون ذا سطوة و سيادة على انفسنا قبل الاخرين لا لان نكون عبيداً او مسيرين .
-
faisal inayaطالب جامعي في جامعة العلوم و التكنولوجيا الاردنية مهتم بالتاريخ و القضايا الملاحظ تطورها عبر الزمن سواء اكانت قضايا اجتماعية سياسية او عالمية