آن الليل و حلت الظلمة بارجاء المدينة تواري الناس في مساكنهم تحت المدفئة هربآ من البرودة و الامطار .. لم تكن من السذاجة بالنسبة لشخصية ' ماجي ' الطفولية العنيدة كما وصفها زوجها ' يوسف ' التي آصرت ان تقف تحت الامطار الباردة الغزيرة مكتفية بمعطف من الصوف و هي تغني و كآن الخبل قد لحق بعقلها الا انها تحررت تمامآ من قيود الحياة و ظلت تغني و تقفز تحت المطر و قلبها يرفرف من الفرحة!
" ماجي انت بك دربآ من الخبالة ما ذنبي لاتحمل تصرفاتك المستهترة "
" يوسف لا رغبة لي للعراك الان دعني استمتع ' بليلة تحت المطر ' انظر تلك السمفونية الموسيقية الخلابة "
" لا اري سوي برودة شديدة و امطار ستصيبنا حتمآ بعلة في الرئة "
" لا فائدة يا يوسف لماذا لا تملك ' احساس فني خلاب ' يالحظي العثر لو كان لي زوجآ فنانآ لديه حس موسيقي لكنت الان اقفز فوق الامطار بفرحة "
" بل لا فائدة منكي انتي ايتها المرأة المدللة ليت لي زوجة حنونة توفر لي حياة سعيدة بعيدآ عن الشكوى و التذمر "
انطلق كلاهما في اتجاه مختلف عن الاخر و هم يبحثون عن ضلاتهم فآثر ' يوسف ' العودة الي عمله بينما بقت ' ماجي' تقفز فوق الامطار بشغف!
صبيحة اليوم التالي فتحت ' ماجي ' عينيها لتجده امامها ' ضالتها المنشودة ' زوج جميل يعزف البيانو برقة و يدللها بلطف و انسيابية يحمل في يديه صينية الطعام المزينة بالورود و الدباديب المنثورة برقة كما تفوح رائحة عطره الجميلة التي تدخل الالفة الي النفس...
لم تصدق عينيها ما رأت امامها اغلقتها و فتحتها مرة اخري لتجده امامها اقترب منها برقة و هو يناولها الطعام بلطف
" صباح النور يا زوجتي الحبيبة ' سارة ' امل كان نومك هانئآ "
" من ' سارة ' هذه و من انت انا ' ماجي ' "
" لذلت تهذين بنفس الهذيان منذ الليلة السابقة اعرف ان الحادث كان مؤثرآ عليكي لدرجة نسيانك زوجك الحبيب ' فارس ' "
" عن اي حادثة تتحدث "
" الليلة البارحة اصطدمت سيارتك بامرأة كانت تغني تحت المطر و قد آكد الطبييب ان عقلك الباطن يعتقد انه تلك المرأة التي توفيت بالفعل في الحادث "
كان ' يوسف ' يجلس في منزله حزينآ بعد فقد زوجته الراحلة ' ماجي ' برغم خبلها و عنادها الا انه كان يعشقها و تمثل له كل الحياة!!
لم يتوقع ابدآ ان يصل ' بماجي ' الجنون بالانتحار بالقاء انفسها تحت عجلات السيارة!! كانت تعاني من الاحساس المرهف الذي سكن قلبها و اصابها ' بفقدان الصلة بالواقع '
لم يصدق عندما سمع طرقات باب المنزل و رأي امامه زوج المرأة التي صدمت ' زوجته المنتحرة ' نظر اليه بحزن طالبآ الدخول لبضع دقائق
" البقاء لله يا سيدي اقدر مدي حزنك و لكن انا بحاجة ماسة لمساعدتك "
" تفضل كيف اساعدك يا رجل "
" زوجتي ' سارة ' اصيبت بصدمة نفسية عقب الحادث افقدها الذاكرة و جعلها تظن نفسها ' ماجي ' ما الحل "
" اسف لحالة زوجتك ربما عليك عرضها علي طبيب نفسي "
" مهلا تذكرت شيئآ زوجتي كانت تتمني زوجآ حنونآ يملك حس فني "
" يالهي متي كان وقت الامنية "
" بعد منتصف الليل تقريبآ "
" يبدوا ان ابواب السماء كانت مفتوحة في تلك اللحظة "
" و ما الحل اذن اريد زوجتي ' سارة ' التي اعرفها جيدآ اخشي عليها ان تصاب المسكينة بالجنون "
"لدي الحل الذي سيعيد ' سارة ' زوجتك الي وعيها"
" عليك به هيا اخبرني "
سنقيم الليلة عند منتصف الليل حفلا ' بشفاء سارة ' تحت ظلام المطر لكن هذا الحفل خال من الحضور سواكم دعها تغني كما تحبعلي انغام البيانو لكي تعزفها عند اذن ستتحررفكرة ' سارة ' من داخلها و تعود طبيعية "
" فكرة رائعة شكرا يا حبيبي يبدوا اننا سنصبح اصدقاء "
" شرف لي حبيبي هيا الوقت قارب منتصف الليل لا تتأخر "
دخل ' فارس ' علي ' سارة ' ضاحكآ
" ما رأيك ان نمضي ليلة من الغناء و العزف تحت المطر "
" اووه رائع هذه امنيتي كم انا محظوظة بك حبيبي "
تخت انغام المطر تتمايل ' سارة ' و هي تغني برقة بينما يعزف ' فارس' البيانو مبتسمآ شغوفآ بها حتي صرخت ' سارة ' ضاحكة
" ' فارس ' انا احبك "
ينظر لها برقة و هو يضغط علي كفيها بحنان
" اخيرآ يا ' سارة ' عدتي لطبيعتك و انا اعشقك يا روحي "
تراقصت العصافير ليلا فوق اغصان الاشجار و تناثرت الورود علي ' سارة ' التي قفزت بفرحة في الهواء و قلبها يكاد يطير شغفآ بينما صنع ' فارس ' تاجآ من الزهور ليضعه اكليلا علي رأس ملكة قلبه زوجته ' سارة '
' النهاية '
-
Menna Mohamedكن في الحياة كعابر سبيل و اترك ورائك كل اثر جميل فما نحن في الدنيا سوي ضيوف و ما علي الضيف الا الرحيل الامام علي بن ابي طالب