طالعتنا الصحف والوكالات المحلية والدولية بخبر قد يكون جديدا نسبيا لدينا، حيث ذكرت أنه ألقت الشرطة الإيرانية القبض على 6 شباب، بتهمة "خدش الحياء العام"، لقيامهم بنشر نسخة "إيرانية" من أغنية "Happy" الشهيرة لويليام فاريل على موقع يوتيوب
وذكرت أن الفيديو، المنشور شهر مايو (أيار) الجاري،ضم 3 شباب ذكور، و3 نساء – لا يرتدين الحجاب – يرقصون على أنغام الأغنية عبر شوارع طهران، وعلى أسطح المنازل.
مالبثت هذه الوكالات والصحف العالمية أن تحدثت عن كون السعادة محكوم عليها بالإعدام في ايران، وعن ما يعانيه الشعب الايراني من كبت للحريات ، وعما تصلاه المرأة في ايران من تضيق وظلم كبيرين، فوفق ما تبثه من رسالة عبر صيغتها لهذا الخبر لعقول الغرب خاصة وللعالم أجمع فهي ترسم صورة لإيران دولة الشر التي لا تسمح لشبابها بأن يتراقصوا على أغنية رقص على نغمها كثير من شباب العالم وتغنوا بها .
فما يكون من المتلقين والمستمعين لخطاب هذه الوكالات والصحف إلا أن ينظروا نظرة الكره والبغضاء لدولة يرون أنها تحرم شبابها من أبسط ما يتمتعون به هم.
وفي حقيقة الأمر لا يعنيني في هذا المقام أن أوضح أن الغرب لطالما تهكم على منظومتنا الاسلامية وعن عاداتنا وتقاليدنا الاسلامية ،محتكرا من وجهة نظره ما تعنيه كلمات السعادة والأخلاق وما يجب أن تكون عليه حياة الانسان،فهو غير متقبل لمنظومة ترسم نمط حياة البشرخلافا له.
فأن ترقص وتغني وتواعد وتكون برجماتيا وأن تحول كل شيء في حياتك لسلعة تباع وتشترى فهذا ما يجب أن تكونه بني الانسان، فمفاهيم العفة والحياء والتدين غادرت عقله من زمن حتى أن ما تبقى منها في عقله أصبح مشوها مهترئا تسبب له في مشاكل عميقة يحاول تلافيها بكل السبل لكن هيهات لن يفلح من خالف سنة الله وشرعه، فالسابر للمجتمعات الغربية سيتبين مدى الظلامية الاجتماعية التي تعيشها، نعم الغرب متقدم لكن تقدمه قاصر بلا روح ،فما نراه الأن هي حضارة مادية مسخ للحضارة الحقة،فهي وان ملكت كل سبل التقدم المادي والعلمي فهي جسد ضخم بلا روح حقيقية سرعان ما ستتبد.
لكن المهم هنا أن نسأل أنفسنا سؤالا هاما لماذا برزت مثل هذه القضية في هذا الوقت ولماذا تعلق كل وسائل الاعلام الغربية عليها،ولماذا كل هذا التكثيف في حين أن العالم به من الأزمات والمشاكل ما يفوق هذا الأمر ألاف المرات.
الناظر المتأمل يصل إلى أن الاعلام الغربي لا يقوم بمثل هذا التكثيف لأنه منبر الحريات والانتصار للضعيف ، لو كان كذلك لكان الأولى به أن ينتصر لمظلومين كثر عبرالعالم تسسب دوله في مظالم وجرائم كبيرة بحقهم وعلى رأس هؤلاء الفلسطينيين، لكنه يتغاضى عنهم بل يلبسهم لباس الارهاب والهمجية والتخلف كما يلبسها لايران في هذه الحالة، حشدا لرأي شعوبهم والعالم ضد هذه الشعوب لتقوية موقف حكوماتهم الغربية في سفورها واجتراحها وانتهاكها لحقوق هؤلاء تحت ستار أنهم الحكومات المختارة المقدسة ناشرة السلام والطمأنينة للعالم أجمع.
إن إثارة مثل هذه القضية في مثل هذا الوقتمن قبل وسائل الاعلام الغربي قد يعود لرغبة الدول الغربية واسرائيل في تقوية موقفها في المفاوضات التي تجرى حاليا مع ايران حول مشروع ايران النووي من خلال حشد رأي شعوبها لصالحها وضد ايران،وذلك بشيطنة ايران الظالمة المفترية التي تسجن"Happy"مما يتيح للدول الغربية فرصة الضغط على ايران والحصول على مزيد من التنازلات من قبلها،لعبة مكشوفة لطالما لعبتها وسائل الاعلام الغربي ،وللأسف ما زالت تخدع رغم وضوح مؤامرتها الكثير من العقول.