أ/ فاطمة غايب الجعيد.

يظهر النفاق الإجتماعي في زماننا الحاضر من خلال التناقض في العلاقات وعدم الوضوح في المواقف والمبادئ والأحاديث لغرض الإفساد أو الانتفاع الشخصي.

كمن يكن أمامك بوجه وخلفك بوجه أخرى يكاد أن يلتهمك

وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الصفة الذميمة بقوله: (تجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه). متفق عليه.

وذو الوجهين هو الذي يأتي إلى طرفين أو طائفتين متنافرتين فيظهر للطائفة الأولى المحبة والمودة والموافقة لما يقولون ويمتدح فعلهم ويقدح في فعل الطائفة الأخرى ويظهر مخالفتهم ثم يذهب للطائفة الأخرى ويظهر لهم المودة والمحبة والموافقة ويمتدح عملهم ويقدح في الطائفة الأخرى ويظهر مخالفته لهم لأجل أن يفسد ويفرق بينهما وقد يكون مقصده الإطلاع على أسرار كل طائفة لأن الناس عادة لا يظهرون أمورهم الخاصة ومعايبهم إلا لمن يظهر لهم المحبة والموده ويأتمنونه ويحسنون فيه الظن وذو الوجهين يمتلك القدرة على إظهار الإخلاص والمودة لهم.

فيكون مع قوم صفة ومع غيرهم على صفة أخرى فإذا عاشر أهل الصلاح والتقوى أظهر لهم صلاحه وتقواه وإذا عاشر أهل الفسوق أظهر لهم الفسوق وتباهي بالسيئات يميل مع كل قوم لما يحبون لينال إعجابهم ويكسب ثقتهم به وبذلك يكون قد خالف المؤمن الثابت على صفة واحدة.

فهذه الصفة تعتبر من كبائر الذنوب والتي ورد فيها الذم والوعيد الشديد لما تشتمل عليه من الكذب فهي من صفات النفاق وقد ورد في سنن أبي داود: (من كان له وجهان في الدنيا كان له يوم القيامة لسانان من نار). وقال ابن مسعود رضي الله عنه: (إن ذا اللسانين في الدنيا له لسانان من نار يوم القيامة). رواه ابن أبي شيبة .

وذو الوجهين غالبا مايكون منافق في العلاقات الاجتماعية و كاذب في علاقاته ومبادئه مع الآخرين متلون في مواقفه ومشاعره ولذلك ثبت في صحيح البخاري قال ناس لابن عمر: (إنا لندخل إِلى أمرائنا فنقول لهم بخلاف ما نتكلم إِذا خرجنا من عندهم فقال كنا نعد هذا نفاقا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم). وقال القرطبي: (إنما كان ذو الوجهين شر الناس لأن حاله حال المنافق إذ هو متملق بالباطل وبالكذب مدخل للفساد بين الناس) .

وغالبا ذو الوجهين يظهر لكل طائفة في وجه ليحقق مصالحه الشخصية ويلبي حاجته .

وذو الوجهين ليس له شخصية ثابتة وليس له مبادئ أو قيم صادقة دائما مايكون مهزوم من الداخل ويكون نشأ على الكذب والخداع والنفاق يتمايل ويتلون على حسب المصالح مكشوف عند أهل الفراسة والعقل وإن تخفى وراء الأقنعة المزيفة وسيفضحه الله يوم القيامة في أعظم مشهد.

وذو الوجهين من أهل الخيانة لا يولى ولا يؤتمن في مسؤولية لأنه يفتقد العدل والأمانه مع الآخرين ولذلك ورد في الأدب المفرد للبخاري قوله صلى الله عليه وسلم: (لاينبغي لذي الوجهين أن يكون أمينا).

ولطالما أن هذه الصفة الذميمة قد توسدت واقعنا في وظائفنا وأسوانا وبعض الأقارب فأصبح الكذب والنفاق عند الكثير كرشفت كوبا من القهوة وهذا سببه ضعف التدين والبعد عن الله والتعلق بالدنيا والغفلة عن الآخرة وقلة إحترام حقوق المسلمين ولذلك نجد الموظف يعتدي على حق أخيه لأجل علاوة أو منصب أو وتجده يظلم أخاه الموظف ليقف في صف المسؤول ليتقاسم معه مصلحة معينة أو يحصل على ترقية ونجد القريب يجعل من شخصا لايوجد مثيلا له وذلك لقضاء مصلحه شخصيه وحين يحصل عليها يقوم بتهميشك وينكر جميلك وتصبح لاشي .

وفالختام لانقول سوا اللهم إكفنا شر هذه الفئة من الناس وإجعلنا من خيرت خلقك

واللهم لا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا إلى النار مصيرنا وأجعل الجنة هي دارنا وقرارنا اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك ومن فجائة نقمتك ومن جميع سخطك يارب العالمين اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا واكرمنا ولا تهنا .