بعد أن أصبحنا في نظر شوارع الوطن و أزقته غرباء ليس لنا قرار أو اختيار لـ نحيا في حياة لا تُشبهنا ، أرواحنا جاثية أمام أعيننا آيلة للسقوط في مناجم الموت ، بل موتي علي قيد الحياة
بعد أن عجزت الكلمات و المعاني علي وصف ما بداخلنا من أمواج هوجاء و مد و جذر فلا نحن قادرين علي العودة الي ما كنا عليه و لا نرتضي ما نحن فيه اليوم .. بعد أن فُرضت علينا أشياء اختارها لنا الحمقي رغماً عنا و يطالبوننا بالتأقلم مع ما كنا نرفضه و نحاربه من أجلنا و أجلهم ، و الآن السفينة تغرق أمام أعينهم و يرفضون أن نقترب من قوارب النجاة
بعد أن كثر الغدر و الخذلان و فقدنا الانسان كانسان و امتلأت الأوطان أحزان و صار الوضع أسوأ مما كان .. بعد أن انكشفت الاقنعة و بان زيف الوجوه و سقطت أوراق التوت و ظهرت الأجزاء الحساسة كأغلب النهايات التي يراها أصحاب البصيرة لا البصر
بعد أن تجمدت الأحلام و فقدنا الشغف بالأشياء التي كنا نحلم بها كأننا قد تعودنا علي فقدان الأحلام بمختلف أحجامها و أخذنا الواقع الي دوامات من الأعاصير التي تُمزق أحلامنا في كل لحظة تمُر .. حتي تناثرت أرواحنا في عالمٍ يرسم لنا لوحات رائعة تري فيها خيالاً لدموع حائرة يرفض الإعلان عنها إلا بمجرد نظرة عابرة ، فالدموع دموعنا و الحياة حياتنا و لا شأن لهُ بنا
بعد أن أُعتقلت الأرواح قبل الأجساد و اصطدمت النداءات بجدران قلوب متحجرة فلا نسمع إلا صدي أصواتنا يرتد الينا و نخشي أن يقترب النداء فنغرق أو نحترق ، فنبحث عن اي تعاطف مع أنفسنا من مسافة تُشعرنا بالأمان
بعد أن تبدلت الوجوه و الأماكن و تآمر المبطلون علي النبلاء و الشرفاء ، أولئك الذين كانت قلوبهم قبلتهم و ايمانهم قبيلتهم و وجوه المظلومين وجهتهم ، مَن تنبأوا لنا بمعالم المستقبل من كواليس الماضي ، فرأينا وجوهاً كريهة تتصدر مشاهد الحياة و أبواق تُهمشنا و تسخر منا كأننا لا شيء يُذكر ، و حين يذكروننا في مجالسهم السوداء تتعالي الضحكات من هول ما فعلوه بنا من أفاعيل شيطانية و نحن نلزم الصمت
بعد أن نفذ الماء الذي بداخلنا و لا نستطيع اخماد النار التي اشتد لهيبها فنحنُ لسنا مشاعر متجمدة نحن أرواح تتنفس ، نتأثر بأشياء تزيبنا و تُصهرنا فلم نعد نعرف أنفسنا في تلك الدائرة التي ندبت بؤرتها في أعماق قلوبنا
بعد كل ما كان و ما هو كائن الآن و قبل أن يسأل المستقبل القريب الماضي الذي خذلناه كيف كان حال هؤلاء الذين آراهم أمامي الآن ؟! فيخبره أنه قد سمع حاضرهم ينصحهم أن يصنعوا بداخله ذكريات و أمجاد لهم كي تُصبح غداً ماضياً جميلاً يرونهُ من نافذة المستقبل
بعد آلاف الآهات و انسكاب العَبرات و تصاعد النبرات هل ترانا سنتغير أم أن الواقع الأليم قد نسج خيوطاً من اليأس و العجز علي القلوب فأوقف نبض الأمل في التغيير ؟!
نعم سنتغير فنحن لسنا أصناماً لا يُغيرها الدهر ولا أحجاراً لا يؤثر فيها القهر ، فما عاد للعين متسع من النظر و التأمل و ما عاد للقلب قدرة علي الصبر و التحمل و ما عاد للعقل منطق علي مواكبة الانتكاسات و الحسرة علي ما فات ، سنثبت لأنفسنا قبل أن نثبت لمن حولنا أننا حاربنا رتابتنا السوداء و محوناها من كل قاموس نعرفه ، فاعتقال الروح أصعب من اعتقال الجسد
نعم سنتغير و نجعل من بشائر التغيير ثراءاً لأبجديات الحياة و نرددها بكل قوة حتي تستقر في القلب .... " سنتغير "
-
ناشط بحركة 6 أمشيرإنسان أتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ..... سأظل أكتب ما أومن به حتي أبني لهذا العالم مدينة من العدل جدرانها الحروف وأعمدتها الكلمات ..... يسكنها كل شبيه لها