تتعالي اصوات الصفير المنذر بولوج القطار الي الرصيف.. اصطف المسافرون من كل حدب و صوب و انظارهم تتجه الي عربات القطار.. متواريآ عن اعين تابعيه يدلف بين المسافرين و فد تواري في زيه الريفي عن اعين مطارديه..
باتت المهمة صعبة ان يجد مقعد خاويآ بلا ساكن.. حتي بصرت عيناه ذلك المقعد المكسور المنزوي في اركان النافذة.. آويآ اليه يستند راسه علي ظهر المقعد متكئآ اياه و قد واري وجهه بكوفيه ريفية سوداء..
يخرج من جيبه بضعة خرائط تترائي فيها موضع القرية المجهولة التي يولج باحثآ عنها..
تتابعه بعيناها المرأة الشابة السمراء ذات الشعر الاسود المتدلي علي كتفيها يلفت انتباهآ الخرائط التي ترافقه.. تنظر اليه بامعان و هي تبحث عن سبيل للكلام يقطع لحظاتها مجئ نادل الطعام و الشراب :
هل تحب ان تطلب شيئآ مثلي ساطلب كوبا من الشاي..
كم هذا لطفآ منك سيدتي حسنآ اريد فنجانآ من القهوة..
القرية التي تبحث عنها اعرفها جيدآ انا ذاهبة اليها ماذا تريد منها؟..
يمكنك ان ترافقيني اذن القصة طويلة اتحبين سماعها؟..
بالتأكيد اذناي صاغية اليك..
عندما كنت صبيآ كنت الهو مع رفقائي من صبية القرية في الطرقات.. الا انني ذات ليلة ولج الينا و رفاقي رجل عجوز.. كان يتكأ علي عصاه الخشبية و بات عليه علامات الغضب.. كان برفقته كلب اسود للحراسة يبدوا عليه الشراسة.. صرخ بنا ان نرحل من هنا فلم نأبه لهذا العجوز.. الا ان الغريب ان هذا العجوز اخبرنا ان قريتنا اختفت و علينا الرحيل قبل الاختفاء معها...
كنا نصرخ و اين آبائنا و اهلنا الا انه لا مجيب بات امامنا دقائق و يختفي كل شئ.. لم املك سوي الفرار جريآ و انا لا ادري الي اين اذهب.. الا ان فراري بات متأخرآ فقد كانت القرية اختفت و اختفيت انا ايضا برفقتها..
و ماذا حدث بعد ذلك يا رفيق؟..
باتت لعنة الاختفاء تفضي بولوج كل منا الي عالم وحيد مختلف.. و كانت رفيقتي الجبال... بت اعيش بين الجبال كالمطاريد.. اولج من جبل لاخر وحيدآ ببن الثعابين..
و ما الذي يدفعك الان للبحث عن القرية؟..
العجوز جاء الي مرة اخري و هذه المرة في الجبال يطاردني طالبآ اياه مني ان اولج الي القرية القي رفقائي..
القرية انحسرت وسط الهضاب و لم تعد كما كانت..
كيف عرفتي يا امرأة؟..
انا من سكان القرية و العجوز هو ابي...
اووه لم اكن اعرف اتدليني عليها؟..
بالطبع يا رفيقي...
حدثيني عنها قليلآ..
بتنا الان سكني الهضاب.. تحمينا الذئاب من غور المطاريد.. نحلب الشاه و نتغذي بالبانها.. تغور علينا المطاريد من آن لاخر..
ماذا اراد اباكي من رحيلنا..
لا شأن لابي القرية حلت عليها لعنة جبلية من المطاريد..
هل تعرفين شيئآ عن امي..
كانت تحلب الشاه.. و تطعم الغنم..و لكن حل الطاعون بنا ففتك بالكثير و كانت امك من الضحايا..
لا يا امي تألمتي كثيرآ..
لقد وصلنا للقرية.. تعالي معي يا رفيق..
ولجوا الي القرية الجبلية التي باتت عبارة عن دهاليز حجرية.. يقترب منهم العجوز...
لماذا طلبت منا الرحيل...
لا شأن لي بالامر والدك ساحر و و من تسبب باللعنة..
و اين هو الان..
مات صريعآ في ظروف مجهولة..
اذن فقدت ابواي و بت وحيدآ..
بإمكانك مرافقتنا..
اجل فبت كالمطاريد....
-
Menna Mohamedكن في الحياة كعابر سبيل و اترك ورائك كل اثر جميل فما نحن في الدنيا سوي ضيوف و ما علي الضيف الا الرحيل الامام علي بن ابي طالب