أصبح الوضع غريب ! , أصبحت الكلمة تُقذف للحياة مُثقلة بالهموم , التي لم تجد مثيلاً لها من السعادة والبهجة من قبل ! , أصبحت الخطوة مُترددة , أهل تتقدم أم تتأخر ؟ , وبين ما تراه في واقعك وبين ما توده وما تطمح لرؤية الحياة مُختلطة به تندهش ! , كبف يمكن أن تتوسط القرارات , ألا تستقيم الفكرة لمقصدها دون أن تُقابل تعرجات عدة ! , سعادتك لم تصل لأقصى درجاتها فتنفرج شفتاك عن إبتسامة لن ترتسم على ملامحك من جديد , ولم تصل حتى لدرجة السعادة الأدنى التي تُحقق لك أقل مقدار للسعادة الذي لم تتطلع إليه يوماً ! ..
أنت .. بين البينين !
لم تصل للدرجة التي تُبدلك للطائر الذي حرره سيده من قفصه المُخيف عن الحياة , فتفرش أجنحتك وتتمايل بين نسماتها لتُعلن لها عن ولادتك الأصلية , ولم تصل للدرجة التي تعود عليك من وجودك في هذا القفص بالرضا أو حتى بالإستسلام ! , أنت في مرحلة وسطية , تحلم بالتحرر وتجد أن هذا التحرر هو أقصى أهدافك وأصعبها في التحقيق فتخفت إرادتك وتظل كما أنت تتأمل الحياة خارج قضبانه وفقط ! ..
تشتعل داخلك رغبة البقاء والإستمرار ولكن .. رغبة الإنسحاب هي الأخرى ترغب في فرض سيطرتها عليك ! , فأي الرغبتان الأقوى في سحق الأخرى ؟ , أي الرغبتان قادرة على التغلغل فيك وإقناعك أن بقاؤها هو الأصح لك والأمر الذي لا يحتمل نقاش ؟ , وهل تجد أنك قادراً على مُجاراة هذه المعركة من الأساس أم أنك قد وصلت لمرحلة الضجر حيال ما يجتاحك من الداخل ؟! ..
أرأيت , لقد وضعتك الحياة في مازق !
لم تمنحك ما تريد ولم تُخبرك كيف تصل لما تريد حتى ! , جعلتك حراً طليقاً , وضعتك في إختبار قاسي وهي تعلم أشد العلم أنك لن تقوى عليه ! , لن تستمر فيه كثيراً وإن استمريت فلن تصل للنتيجة التي تُصارع من أجلها , أن تتخطى تلك المرحلة الوسطية في كل شئ , وأن تصل لأقصى الشئ , أقصى الفرح الذي لن يترك ذرة حزن فيك على قيد الحياة , يسحقها دون رحمة ويقتلعها من جذور اليأس دون هوادة , أقصى درجات النجاح الذي سيمحي ذكرياتك النابضة بالفشل دون أن يتذكرها حتى أو يبكي على ما قد فاتك من تجارب صادمة , أقصى مشاعر الحب التي ستُغنيك عن الحياة بما فيها من إضطرابات وصراعات , لن تصل لدرجة الحب التي تقف عندها حائراً وتتسائل " هل أستمر في طريقي هذا أم أن طريقك مسدوداً مسدوداً يا قلبي ؟! " , لن تجد مجالاً حتى لطرح هذا السؤال وإن وجدته يُطرح على عقلك حينها فكن على يقين أنك لن تجد إجابة سوى الإستمرار الإستمرار الإستمرار , حتى عقلك الذي ستجده في تلك الحالة المُنتفضة بالحب كأنه لا جدوى من وجوده وتعتبره كأنه لم يكن حتى ستجد أفكاره تصل للحد النهائي من الإبداع , الإبداع الذي يحاول إقتناص أي فكرة مختلفة ليحولها لطاقة هائلة من الإختلاف الفكري , ولكن كيف تتوقع أنه يصل لهذا الحد إن كنت أنت غير مُكتملاً من الأساس ؟! ..
حالة .. وما أقساها حالة !
تلك الحالة التي تقف فيها مُكبل اليدين مشلول الحركة لا تقوى على إصطياد أعلى الدرجات من كل الأشياء هي الحالة الوحيدة التي ستُشعرك بنُقصانك , بهوانك , حدودك التي لا تدري كيف تتخطاها تظل هي شغلك الشاغل , كيف أستطيع عبور حدودي وحدود كل ما يعتريني من مشاعر إيجابية كانت أو سلبية ؟! , حتى الحزن , كيف لا أصل لأعلى درجاته ؟! , أكتفي فقط بدمعتين وشهية مسدودة لليلة واحدة ومن ثم أعود من جديد لإستئناف حياتي " الوسطية " , لمَ لا يأخذ كل شئ حقه على الوجة الأمثل ؟! , أحزن , فأحزن حتى تعتصر عيناي دموعاً , أفرح , فتتضاعف نبضات قلبي لدرجة التمزق ! , أنجح فألقن العالم درساً وأتشرب منه شربة لا ظمأ بعدها ..
تخيلت المشهد حينها ؟ , والآن أخبرني .. هل تجد الحال هو نفس الحال , أم أن حدودك من الحلم أيضاً تتوقف عند حد معين لن تستطيع أن تعبر بخيالك لما هو أبعد منه ؟ .. وإن كانت هي الحقيقة , فلا تستلم لتلك الرؤية المشوشة , التي ترى بها أنصاف الأ , فأما أن ترى , وإما أن تُعلن للحياة أنك الضرير الأوحد في الكون ..