تمر على ساحة اللغة الإعلامية كلمات أو مصطلحات تتحول إلى نوع من "الموضة"، إذ يتم استعمالها على نطاق واسع ومركز خلال فترة محددة، ثم تُنسى وتغفل من التداول كأنها لم تكن قط !
خلال حرب غزة سنة 2008 ، ظهرت عبارة "لايرعوي" ، أي بمعنى لا يمتنع، ولم تنظم قصيدة ولم يلق خطاب بشأن الحرب دون ان تُقحم هذه العبارة فيها، حتى المداخلات الإعلامية المتلفزة نفسها لم تكن تخلو منها، "هذا المحتل الذي لا يرعوي"، "لا يرعوي عن قتل الأطفال، "لا يرعوي عن سفك الدماء".. حتى انقضت المرحلة .. وانتهى عصرها.
من قبلها كانت الأولوية لكلمة " أساطين" بمعنى أعمدة، وكانت تستخدم في الخطابات الشعبوية (الديماغوجية) في المداخلات والحوارات والمقابلات السياسية، فكان القائل يقول:"هؤلاء هم أساطين الغرب" " أساطين أمريكا"،"أمريكا وأساطينها" إلى أن انقرضت الكلمة من التداول الإعلامي بلا رجعة..
وفي مرحلة الربيع العربي، حلت علينا بلوة جديدة في ثوب مصطلح "الاستقطاب الطائفي"، إذ غزى التداول الإعلامي بقدر ما استفحل معناه في الواقع العربي، وتزامن مع هذه البلوة بلاء آخر تحت مسمى "حكم الدهماء"، فلم يكن يحلو لأي مناقش أو محاور إلا إقحامها بسبب أو بدون سبب في حديثه ومحاججته..
وفي شق التنمية البشرية، جاء الوبال باسم"العصف الذهني" ، وهنا بلغ التكلف مبلغه في استعمال هذا المصطلح في غير سياقاته، إذ وصل الأمر بفلانة أن تقول: سأقوم بعصف ذهني حتى أرى ما سأعده للغداء، وفلان آخر كان يتداوله كبديل عن معنى استخارة!
في الإعلام، ثمة الكثير من الموضات والصيحات اللغوية المستحدثة والبائدة، لا ينم الأمر عن ظاهرة سلبية بقدر ما يكشف عن ترابط الاستعمال اللغوي والتداول الاعلامي وتشابكهما، وقدرة الإعلام على تحوير الاستعمالات اللغوية وتوجيهها بقدر قدرته على صناعة الآراء والاتجاهات..
السؤال هنا: ماهي آخر صيحات الكلمات المتداولة إعلاميا في الوقت الحالي؟ :)
-
فاطمة بولعناناليوم حرف وغدا حتف