من النقد الأدبي الى علم الأدب
نشر في 21 يناير 2017 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
لقد تبيّن لنا و من خلال ما تجلّى من وضوح و نقاء للمظاهر الجمالية التي تابعنها و لاحقناها في النصوص الأدبية، أنّ المنهج الأسلوبي في البحث الأدبي هو الأجد و الأقدر على تبيّن المظاهر الأدبية و الابداعية و الجمالية في النصّ الأدبي.
انّ المنهج الأسلوبي في البحث الأدبي و في نظرية الأدب ليس فقط يمكّن من تلمّس الاضافات الفردية و التميّزات الخاصة للمبدع، بل انّه يؤسس لعلم الأدب بأدوات معيارية واضحة و دقيقة و يمكّن من القدرة التقييمية و المفاضلة بين النصوص وهو أمر متعذر لمن يعتمد المناهج الوصفية و الانطباعية و ذلك لما يتسم به المنهج الأسلوبي من موضوعية و حقيقية لا تقبل الادعاء و التكلّف.
و من الاضافات المهمّة لطريقتنا في الأسلوبية و التي أحدثنا فيها تقدّما و خصوصية بتوسعّنا بالبحث لتناول التجربة العميقة و العمق الشعري في الوعي و المستويات الماورائية و الخارجة عن النصّ سواء كانت في جهة المؤلف ام القارئ و تجليات تلك الجهات في النص.
لقد مكّننا المنهج الأسلوبي بانفتاحه و سعته و مرونته من انتهاج طريقة ملاحقة النصّ بدلا من جرّه نحو افكار مسبّقة، وهذا الأمر في غاية الأهمية، حيث انّ المناهج النقدية المعاصرة تنتهج نهج القواعد المسبّقة و المعايير الجاهزة التي تسقطها على النص و تدعو النصّ الى الاستجابة اليها، و هذا له تأثير على الكتابة و خلَقَ شكلا من الوصاية و التحديد و الاشتراط لاواقعية له، بينما المنهج الأسلوبي يتعامل من النصّ كظاهرة طبيعية انسانية، وهو بذلك يشبه العلوم التطبيقية، و يجتهد في اكتشاف التميّز و التفرّد من دون فرض شيء او المطالبة بقاعدة او شرط، وهذا هو المنهج الحرّ في البحث الأدبي و الذي نسميه ( المنهج المفتوح)، و الذي ينهي تماما فكرة ( النقد) و يعلن موت ( النقد الأدبي) و ولادة البحث الأدبي و علم الأدب، و انتهاء عصر الناقد و بداية عصر الباحث الأدبي و العالم الأدبي.