الحرية التي ناضلوا لأجلها - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الحرية التي ناضلوا لأجلها

بين ماضي الازهر وحاضره .. مقتبس من كتاب "قصتي مع الحياة" لخالد محمد خالد

  نشر في 29 ماي 2015  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

" لم يكن الأزهر مجرد جامع وجامعة .. بل كان -كما قلنا من قبل – شمساً جديدة .. "

التحدث عن الأزهر لا يسعه مقال ولا اثنين ولا كتاب أو مجلد .. والحديث عن الجامع بمفرده أو عن الجامعة بمفردها أو عن العلماء الأحرار الذين تربوا في ربوعه ، وشربوا من مشاربه الهنية يطول ولا ينتهي !

ولكني في حديث آخر هنا .. فقد طبع الأزهر في قلوب مُريديه وأذهانهم طابعاً جعلهم لم يمروا على الظلم مرور الكرام أو كـ "عابري سبيل" فلقد جعلهم يناضلون للحرية !! .

لقد حرس و صان الأزهر للدين الإسلامي قيمه و أصوله ، وانتج ثلة من العلماء يمثلون القدوة الحسنة بورعهم وتقواهم وصلاحهم وعلمهم. من ثمّ كما يقول من اقتبسُ عنه أن هذا لا ينقض وجود نفر من الشيوخ ضعافَ النفوسِ الذي جعلوا الكرام يظهرون .

ولكن في الحقيقة ، لم يخلو أي عصر من عصور الإسلام منهم .. وان اختلفت مسمياتهم من جيل لآخر، وإن قيل لهم "علماء السلطان" أو "شيوخ السلاطين" أو "علماء البلاط" وهلم جر. إلا إنني اقف هنا لأمر مرور الكرام على رجال حاربوا من اجل حريتهم وقاتلوا لها ، ولم تثنهم "دراهم معدودة" او "سيوف مسنونة" عن قول كلمة الحق و الموت في سبيلها.


الإمام محمد مصطفى المراغي - رحمه الله تعالى

"لا سلطان على شيخ الأزهر إلا الله" .. بمثلها عبارة استطاع الإمام المراغي رحمة الله أن يهز رئيس الوزراء المصري آنذاك في قصة اسردها بمقام آخر، أما الأن فدعونا نطرب بسماع قصة هذا الرجل المغوار من فم من اقتبس عنه : " الإمام المراغي جاء الحياة ليمثل عظمة الأزهر ، وجلال العلم .. وكبرياء العلماء !! فهو الرجل الذي يحمل استقالته في جيبه ، لتكون رهن أنامله حين يتعرض شخصه أو منصبه لغمز أو تطاول .. مكث في مشيخته الأول عامين اثنين وشجر خلاف بينه وبين ملك مصر فؤاد- عام 1930- وترك له استقالته".

أما الخلاف ، فهي قصة طويلة و كانت شرارتها الظلم الذي وقع لطلاب الأزهر و معلميه من قبل الملك فؤاد آنذاك .. فيستقيل شامخاً من منصبه ، و يعود إليه شامخاً .. إلا إنه لموقف عظيم !!

أي عظمة كانت لهؤلاء ! بل هو سحر كما يقول لي خاطري احياناً .. واحياناً الأخرى لا اصدق بوجود هؤلاء إلا في الكتب لا غير، ولم يتواجدوا على الأرض يوماً !!

إن القصص التي تحكى عن علماء يهزون عروش ملوك ، بل ويجبرونهم على فعل ما يأمرون تكاد أن تكون قصص من الخيال الخارق للطبيعة، أو لعلها كما يقال كرامات أولياء، لأننا لم نعد نرى علماء يُسقِطُون احكام الملوك ، ويقودون الثورات و الإضرابات لتحقيق الحق ولمحو بطش البطشة الظلمة. بل أصبحنا نرى "علماء" يقولون : "اقتلوهم ! من قتلهم كان أولى بالله منهم" !!!

تستمر الثورة التي قادها الأزهر ضد الاحتلال الفرنسي .. ليخرج الاخير مهزوماً جاراً أذيال العار و الخزي نادماً تاركاً خلفه قتلاهُ جيفاً هامدة !!

ولم تكد مصرنا العزيزة ترتاح وتشفى جراحها من الغازي الفرنسي ، حتى يبتلوا بغازي آخر لم تغِب عنه الشمس – أو هكذا يقال – ويهجم الجيش البريطاني عليها و من جديد يبقى الأزهر صانع الثورات و منتجها .. فتقوم الثورة على إلهام من احد أبنائه ، وكان اسمه (سعد زغلول). ، وبغض النظر عن تحول مجريات الامور في حكمهم أو ما سرد و نشر عنه .. إلا انني اتحدث عن أزهري صنع ثورة ( فمن ذا الذي تصفو سجاياه كلها !! ).


سعد زغلول (1858 - 1927)


ولا استطيع أن اسرد قصته البطولية عندما وحد المسلمين و الأقباط فيزيحوا المحتل المعتد بكل قواهم ، فالحديث هنا لن ينتهي.

وكما قلت أن الحديث سيطول ، فآخر من سأحكي بطولته هو الأمام أحمد الدردير و القصة من فم الأستاذ خالد محمد خالد، يقول : " ... إمامنا (الدردير) رضي الله عنه ، الذي كرس حياته لنصرة المظلوم على ظالمه .. ويجيئه ذات يوم أهل (الحسينية) بالقاهرة شاهرين أسلحتهم و هراواتهم ، يخبرون الشيخ الولي بأن طاغية من طغاة الحكام اقتحم بيت احد الشيوخ وسرق ما به من متاع ، فإذا الشيخ يأمرهم بإغلاق أبواب الجامع الأزهر .. وتصعد طائفة منهم إلى مآذنه ينادون ويدقون الطبول .. فيغلق تجار الحي متاجرهم ويرسل الشيخ رسله إلى أحياء القاهرة ، فيلبون دعوته على عجل ومعهم أسلحتهم .. وينهض الشيخ ، يقود منهم في مظاهرة عارمة قائلاً : (نحن الآن ذاهبون إلى بيوت المعتدين لننهب بيوتهم ، كما نهبوا بيوتنا .. ونموت شهداء ، أو ينصرنا الله عليهم ) .."

وللعلم فقط فالشيخ أحمد رحمه الله ، سني متصوف ،ولعله إن رأى حال المتصوفة الأن لما ظننت انه سيسره لأنه لم يقل للظلم يوماً نعم أو قال لحاكم ظالم : اقتلوهم .. ناس نتنة !! أليس كذلك يا سعادة الدكتور !!


وهكذا انتج الأزهر ثلة من العلماء العظماء .. ناضلوا لحريتهم حتى نالوها سواءً في حياتهم او بعدها !! و أبقاني كما أبقى الاستاذ خالد محمد خالد -من اقتبست عنه- في حيرةً من أمرنا .. فمن نختار مثالاً !!

اعيدوا أمجادكم يا أهل الأزهر .. ثوروا على من ظلمكم ، ثوروا على من قتل أبنائكم ، حاربكم ونكل بكم ! ناضلوا كما ناضل أجدادكم لحريتهم وماتوا من أجلها !!

المقال كتب من وحي كتاب "قصتي مع الحياة" للكاتب العظيم خالد محمد خالد رحمه الله وتاب عليه ، وهو متوفر في الشبكة يمكن الإطلاع عليه و الاستفادة منه .


  • 1

   نشر في 29 ماي 2015  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

ابو البراء منذ 9 سنة
كلام في الصميم سيدي ولكن ..!!
لقد ناديت اذ اسمعت حيا .... ولكن لا حياة لمن تنادي .
ولى ذاك الزمان بأهله وساد هذا الزمان علماء السلطان لا علماء القرآن
0
محمد باذيب
استاذي ابو البراء .. لا زلنا نرى في أمتنا خيراً ، وفي علمائنا الاتقياء و الصادقين
نأمل ان نرى صحوة أمتنا عما قريب .. شكراً لمرورك

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا