منذ أن خلق الله آدم و حواء لم تتوقف المناوشات بين الرجل و المرأة ما بين إتهام المرأة للرجل بحب السيطرة و النفوذ و عدم تفهمه لمشاعرها , و بين إتهام الرجل للمرأة بالغموض و الثرثرة بل قد يصل الأمر للإتهام بالجنون .
و تظهر هذه المناوشات في عالمنا العربي أكثر من أي مكان آخر , و لعل آخر فصول هذه المناوشات هو ما حدث بعد أن أنجبت كيت ميدلتون دوقة كامبردج إبنتها و ظهرت بعدها بإثنتي عشرة ساعة متأنقة أمام الكاميرات , حيث إشتعلت مواقع التواصل الإجتماعي بسخرية الشباب المصري من النساء المصريات بسبب ما يبدو عليهن من إجهاد و زيادة في الوزن بعد الولادة .
فما الذي جعل كيت تظهر بهذا المظهر المتأنق بعد الولادة بينما يختلف الأمر عند النساء المصريات ؟
• الرعاية الصحية :
في شهر يونيو من عام 2014 طالعتنا الصحف بخبر وفاة المصرية هبه العيوطي في إحدى المستشفيات الخاصة بمصر عقب حقنها بالخطأ بمادة الفورمالين بدلا من الصبغة أثناء إجرائها آشعة على الرحم مما تسبب في وفاتها بعد شهر , بينما طالعتنا نفس الصحف في شهر مايو عام 2015 بخبر ولادة الأميرة كيت ميدلتون في مستشفى سانت ماري بلندن و هي محاطة بأكبر درجات الرعاية الصحية تحت إشراف فريق من أفضل أطباء النساء و الولادة .
هذان الخبران ينسفان أية مقارنة بين النساء في مصر و نظيراتهن الأوروبيات , ففي الوقت الذي تنعم فيها النساء في الغرب بالرعاية الصحية الشاملة في فترة الحمل و ما بعدها , تعاني النساء المصريات من سوء الخدمة الطبية حتى في المستشفيات الخاصة ناهيك عن الحكومية .
• الإلتزامات الأسرية :
رغم أن المسلسلات العربية دائما ما تظهر الفرحة الشديدة للرجل عندما تخبره زوجته بحملها و خوفه الشديد عليها و قيامه بالأعمال المنزلية بدلا منها طوال فترة حملها إلا أن الواقع يختلف عن هذا , فالكثير من الرجال لا يساعدون زوجاتهم في الأعمال المنزلية سواء أثناء حملهن أو بعد الولادة بل قد يرون في هذا إنتقاصا من رجولتهم , مما يزيد من تعب المرأة و يصيبها بالإجهاد الشديد .
• العمل :
أن تحصل على يوم إجازة من العمل أمر صعب خاصة إذا كنت تعمل في القطاع الخاص , أما إذا كنت ترغب في الحصول على شهر أو عدة أشهر إجازه فإنك تحتاج إلى معجزة .
بشكل عام لا يرغب الكثير من أصحاب الأعمال في تعيين النساء نظرا لما تحتاجه النساء من الإجازات للحمل و الوضع و الرضاعة و غير ذلك , و لذلك فهم يعطون المرأة أيام إجازات قليلة لا تكفيها للقيام بواجباتها تجاه طفلها و منزلها مما يدفع النساء إما إلى ترك العمل لكن ذلك يؤدي لتقليل الدخل في تلك المرحلة الحرجة التي تحتاج الكثير من الأموال , أو تضطر معظم النساء للتحامل على أنفسهن و الإستمرار في العمل مما يزيد ضغط العمل عليها بجانب ضغط الحمل و الإلتزامات المنزلية .
• عدم التوعية :
نعاني في عالمنا العربي بشكل عام من عدم التوعية في مختلف المجالات , فنحن في عالمنا العربي نعتمد على العادات و التقاليد المتوارئة و التي يوجد بينها الكثير من الخرافات و العادات الخاطئة مما قد يضر بالفرد و المجتمع .
و من المجالات التي نفتقد فيها التوعية هو الزواج , بل إن معظم الأشخاص في عالمنا العربي يرون أن اللجوء لدورات توعية في الزواج و العلاقات الأسرية هو إهانه لهم و لذلك يعتمدون على الموروثات فقط . و المرأة أكبر دليل على ذلك فهي تعتمد على ما نقلته لها أمها و جدتها من موروثات بعضها خاطئ قد يضر بصحتها و بصحة الجنين .
هل علمنا الآن لماذا لا تبدو النساء العربيات مثل كيت ميدلتون ؟!
ربما علينا أن نتغلب على هذه المشكلات و غيرها أولا قبل أن نعقد المقارنات بين المرأة العربية و نظيرتها الغربية .
-
عمرو يسريمهندس مصري يهتم بقراءة التاريخ وسِيَر القدماء. أرى أن تغيير الحاضر، والانطلاق نحو المستقبل يبدأ من فهم الماضي.
التعليقات
حتى ان البعض اعتبر تأخر المرأة في التعافي بعد الولادة من باب الدلال والمبالغة !!!