بضاعتنا ردت إلينا... - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

بضاعتنا ردت إلينا...

الحضارة العربية المفقودة

  نشر في 03 غشت 2018  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

لابد أن يأخذ المجال المعرفي العام مكانة وأهمية بالغة إذا ما كنا نسعى للاستخدام الأمثل للموارد البشرية لطاقة الشباب في بلادنا ، متجهين إلى بناء الإنسان المصرى خاصة والإنسان العربي عامة

وهناك حقيقة يجب أن ندركها ونعيها جيدا ، وهى أن هناك مشكلة كبيرة يواجهها الإنسان المصرى بل الإنسان العربي في كل مكان..وهى تلك النظرة السطحية للأمور التى تؤدى به إلى الخلط بين (الحضارة) بابعادها وجذورها واصولها، وبين (المدنية)بمظاهرها الخارجية الدالة عليها ، فيجب أن نفرق بين منجزات الحضارة الإنسانية وبين نتاجات المدنية الحديثة.

فنتاجات المدنية يمكن الحصول عليها دائما بثمن يقل أو يكثر ، أما الحضارة الإنسانية فإن قيمتها تكون بغير حدود ولا تقدر بثمن

فمثلا اختراع الطاقة الكهربائية كان ولا يزال أحد انجازات الحضارة الإنسانية الضخمة، أما الاستخدامات المختلفة لهذة الطاقة في كافة شئون الحياة فهى نتاج المدنية الحديثة، فاختراع الطاقة الكهربائية (فكرة)حضارية لا يمكن تقييمها بمال، أما استخداماتها فهى (تطبيقات)يمكن الحصول عليها ولو بكثير من المال.

ومن المشاكل الجوهرية التى يواجهها الإنسان العربى هى أنه فى الوقت الذى ينعم فيه الغرب حالياً بحضارة مزدهرة - هى في حقيقتها وباعتراف أهلها ذات أصل عربى- فإننا، ولاسباب متعددة تاريخية واستعمارية، قد انفصلنا عن حضارتنا القديمة بمعظم قيمها ومعاييرها الأصيلة ، وعندما افقنا من غفلتنا، اتجهنا- متعجلين - إلى السعى وراء منجزات حضارة الغرب ومظاهرها واصبنا منها بأكثر مما أصبنا من أسبابها وجوهرها، وبالتالى فإن ما حصلنا عليه لا يعدو أن يكون قشور الحضارة الغربية، مما ترتب عليه استمرار واتساع الهوة بيننا وبينهم وبمعدلات متزايدة.

ولذلك فإن التحدى الحضارى الذى نواجهه في التنمية البشرية اللازمة لتحقيق أى تقدم حقيقي هو الوصول إلى أسلوب واقعى للجمع بين حضارتنا الأصيلة الغائبة، بعد بعث الحياة فيها والأخذ باسبابها وبجوهرها القائم على العلم والمعرفة، وبين التكنولوجيا الغربية الحديثة، وتلك ينبغى أن تكون رسالة التنمية البشرية والمجتمع المدني في العالم العربي ودوره الذى يسهم به في ذلك السبيل.

ولنا في اليابان مثال حى ونموذج واقعى وكيف أن القائمين على التنمية فيها منذ أواسط القرن التاسع عشر رفعوا شعارات مثل (القيم الشرقية والمعرفة الغربية) أو (الروح اليابانية والعلوم الغربية) ، فرغم أن اليابان من الدول الصناعية الكبرى في العالم حالياً ، فلا تزال المدن اليابانية على ازدحامها وطرقها مدنا أمنة تكاد تخلو من العنف والجريمة، ولا يزال الولاء للأسرة والوفاء الزوجى قيمة كبرى في مجتمع اليابان، كما أن ولاء اليابانى لعمله ومصنعه أو الشركة التى يعمل فيها لا يقل عن ولائه لاسرته.

وهذة القيم جميعها كانت الحضارة الإسلامية سباقة بها وقائمة عليها وتعلى منها، هذا كله جنبا إلى جنب مع المنهجية العلمية التجريبية والتى كانت أهم ما اخذه الغرب الأوروبى عن العرب في الماضى، فقد كان العرب أيضا السباقون الى المنهج التجريبى، ومن ناحية اخرى فإن أسلافنا العرب انفسهم لم يعرفوا للعلم قطرا او جنسية معينة واتسعت آفاقهم للأخذ بالمعرفة الإنسانية أيا كان صاحبها وايا كانت مصادرها.

وفى تقديرى فإن المشكلة الحقيقية التى نواجهها اليوم كمجتمع عربى لم تعد أن ننهل من العلوم الغربية فذلك اتجاه بدأنا فيه بالفعل وأنما تبقى المشكلة القائمة هى فى امرين

الأمر الأول هو الحصول على التكنولوجيا الغربية الحديثة والمتقدمة وعدم الاكتفاء بنتائجها وثمارها

والامر الثانى هو بعث التراث الحضاري العربى الاصيل والوصول إلى جوهره وعدم التوقف عند مظهره

والسعى في الامرين معا هو كفيل باحلال التوازن اللازم لتقدمنا وازدهارنا وعودتنا الى البناء والتنمية البشرية الصحيحة.


  • 2

  • مجدى عبد الرحمن
    المدير التنفيذي للمعهد الديمقراطي المصري للتوعية بالحقوق الدستورية والقانونية رائد بمعهد الفضاء المدني عضو مؤسس بمنتدى الممارسة الافتراضية
   نشر في 03 غشت 2018  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

تحية طيبة لكاتب محترف
قلت ان :
الأمر الأول هو الحصول على التكنولوجيا الغربية الحديثة والمتقدمة وعدم الاكتفاء بنتائجها وثمارها..هل ضروري ان يكون تكون التكنولوجيا غربية ؟
0
مجدى عبد الرحمن
تحية وتقدير متبادل سيدتى...
اسعدنى اطراءك ومرورك الكريم.....
بالتأكيد ليس من الضرورى أن تكون التكنولوجيا غربية...فالعلم لا جنسية له...ولكن الحديث بصدد الكلام عن الحضارة الغربية وكيف اصبحت الهوة بينها وبين الحضارة العربية، فاضحت التكنولوجيا تكاد تكون حكرا على الغرب لوجود المناخ المناسب الصحيح،
.سميرة بيطام
التكنولوجيا اصبحت حكرا غلى الغرب لأنهم هم صناعها ، اذا لديهم الحق في الاحتكار
و اذا أردنا أن ننسب لأنفسنا شيئا من الحضارة فلا بد ان نصنعها صناعة عربية ، و ان لم نقدر فلنعد لماضينا و نعيد احياء تراثنا و ميراثنا و نضفي عليه صبغة العصرنة.
ما اريك؟
رائع ...
0
مجدى عبد الرحمن
مرورك الاروع أستاذة نجاة.... تحياتى

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا