كان الوقت يشير الى السابعة ، ك سبع سموات تراصت فوق بعضهما بشكل اراه فى مخيلتى ، يغيب عن الناظرين ، لكن الخيال بامكانه ان يسرد لك اسرار الكون.
كنت اجلس فى مقهى بات مسكنى التانى بعد منزلى الذى لم اعد الجأ اليه سوى فى مواعيد النوم الذى بات غير عميق.
كان حولى رجال كبار سنا ارواحهم مازالت شباب ، يلعبون الطاولة ، بحماس اطفال لم يبلغوا الحلم.
و كان هناك رجل اصغر منهم سنا اكبر منهم هما ، يحمل طفلة على صدره ، يخفيها عن سكان المقهى و عن العالم اجمع.
يجلس بحزن فى عينيه ، لم اعهده فى اعين الرجال ، و كأنه محمل بصخور جبل احد على ظهره.
رايته يقوم بمشهد تصويرى بطىء ، لربما انه سيذهب الى الحمام الذى يقطن فى المقهى بجانب البوفيه الذى يخرج منه عسل النحل كالقهوة و الشاى و غيرهم من المشروبات التى يحتسيها رواد المقهى.
التفت الى وجه الطفلة التى مازالت متعلقة بحضن ابيها الحزين.
كان يتملكنى فضول شديد لرؤية وجه تلك الصغيرة التى تشبه ملاك برىء هبط الى الارض بعد ولادته من رحم زوجة ذلك الرجل.
دققت فى وجهها فقد استيقظت بعد قيام ابيها و فتحت عينيها ، نظرت لها فقد كانت من ذوى الهمم.
لقد شاع نور السموات ليلا و اخرجت الارض اشجار و نخيل فى تلك اللحظة التى نظرت فيها الى عينيها.
ابتسمت لها فتبسمت على استحياء اشد حياءا من الحياء ذاته.
ذهب والدها و جاء و بدأ فى اخفاءها مجددا محاولا منه ان تنام لتستريح او يستريح.
لقد باتت ملامحها محفورة فى خيالى و قلبى.
ذهبت اليه و قولت له اننى اريد ان ابدى اعجابى بابنتك ، ف انا لم ارى جمال كهذا و اعتقد اننى لن ارى.
شعرت فى تلك اللحظة ان الحزن ينسحب من عينيه مارا بقلبه و من ثم جسده ، لم يتفوه بالكلمات و لكن تفوه بابتسامة جعلتنى سعيد اننى جعلت همه يزول و لو بنسبة قليلة.
عدت مجددا الى الكرسى الخشبى الذى اجلس عليه من قبل ، فوجدت انه يعدل ابنته الى وجه العالم فلا شىء اصبح يريد ان يخفيه بعد الان.
لقد احببت تلك الطفلة و احبها العالم معى.
-
على نور الدينإن عالم “الواقع” لا يكفى وحده لحياة البشر إنه أضيق من أن يتسع لحياة إنسانية كاملة !