صباح الخير جُبران
نهاية ليلة أمس بعثت لك رسائلاً صوتية تبرم عن شدة شعور حاوطني كجدران زنزانة ، عادةً لا أرسل لك الرسائل الصوتية ليس لأن الكتابة لا تعبر أو لا تتصل بالشعور الخارج من حبال الحنجرة البائسة ، الأمر كان مضجراً علي أ تُصدق ؟ أني كنت مخمورةً عندما بعثت كل هذه التسجيلات الصوتية أي لست بكامل وعيي اطلاقاً و لأنني عندما أنتهيت من الحديث لطخت رأسي بالحائط الذي يتوسد ظهري ندماً ، حروفٌ ماتت يا جبران في جحر فمي لمْ اسمح لها بالخروج وعندما نطقت بها ؛ ليتها جاءت بمسرةِ ما بعد العزاء ، أتعبني الشعور ، أمرك المُشتت و شكل العلاقة التي تحتوينا ، بائسة جداً لا مسمىً لها أ تدرك انتَ ذلك ؟
شعور الارتياح فارقني طويلاً معك ، قراراتي بتركك إلىٰ الأبد تُخفقها برجوعك إلي في كل مرة ، حماقتي أشعرُ بها معك وضعفي .. يا غبية ، مغفلة يهجرك فترجعين مُتناسيةً ناسية كل ما خلّفه البعد ، لماذا لا تصمّم علىٰ هجري قطعاً ، لا ترجِع في كل مرة أشرفت فيها علىٰ التعود و العيش دونك ، لا أقل نسيت فانت تملأ حياطين التواصل خاصتي و تملأ الشوارع و أماكني المُفضلة ، رغبتُ بكَ صديق لا أعتبُ عليه إذا فارقني و رجع للسؤال عن أحوالي ، لكن رفضت انت تلك "الإهانة" -بالنسبة لك- و لو فكرت قليلاً لوجدت أني ارغب بالاحتفاظ بك لوقتٍ أكثر و مؤبد .
واحدة من هذي التسجيلات قلت لك بها : انتَ لا تعلم شيء عن شر حزني و كيف يقوم بتفسيخي كجثة ، لو حسمت وجودك لو أخترت لنفسك مُسمىٰ في حياتي كان راحةٌ لعقلي . تععمني بالحيرة التي تنمو داخلك لا ترغب بي بعيدة و تفضلُني ايضاً و انا معلقة بأنتظارك .
حجم الأذىٰ الذي أتصدىٰ له لا يمكنك رسمهُ علىٰ ورقٍ أبيض .
تمنيت أن استيقظ صباحاً و لا اجد منك رداً أو عبارة " شنو إلي مضايگچ " ، حياتك مكتظة بالتجاهُل ، تَجاهل صوتي هذه المرة أو لا تسمح لردك أن يكون عطوفاً مع كبريائي الذي أنهزم بحربي ليلة البارحة .
و عن أسباب إرسال ما أرسلته كان نتاج فكرتين سرطانية ، تفاقمت فهدَمت ما بنيتهُ من سقوفٍ للابتعاد . الأولىٰ للحظةٍ فكرت ؛ ما الذي سيحدث لي لو أن في نهاية وقت العمل وانا أتناول هاتفي -كعادتي- و أتصفح مواقع التواصل فأرىٰ قد شاع خبر وفاتك في أحد أيام حياتي القادمة -لا قدّرَ الربّ- ، كيف سيكونُ حالي و هضمي للخبر ؟ كيف ستكون شاكلتُ قلبي ؟ و الاكثر سوءً أني قبلها لمْ أُحادثك بسبب سذاجاتنا ، تعرف مُسبقاً عن خوفي المُبالغ من الفقد ناهيك إذا كان فقدك !! أ ترىٰ أن الحياة طويلة حتىٰ نتماطل بهذا البعد و الرجوع ثم الرجوع فالفُراق .. شيءٌ لا يستحق مع هذهِ الحياة الفانية يا جُبراني .
و الأمر الآخر و الحدث الأكثر إثارة لي ، صادف بهذا اليوم الذكرىٰ السنوية لِلقاءنا الأول فكتبتُ نصاً حتىٰ اوثقه مع باقي الأشياء و أستذكر بهذا الشتاء دفء مشاعري الساذجة :
مرّ عامٌ علىٰ لقاءنا الأول ،
جوٌّ بارد ،
فصلُ وِلادتُك ، فصل اللقاء
و فصل أكتمال الأحلام ،
يديّ يقرصها البرد ..
و يقرص قلبي
صدقَ ما عيني تراه -فوجهِك أمامي-
وصلتُ إلىٰ مكان المُلتقىٰ
لمْ أرَك اولاً ؛
غطوّك أشخاصاً من بعيدٍ اراك ،
تقدمت قليلاً ،
فابتعدتَ انتَ لتجلس
مع أقرانك شطري ،
انزويتُ انا أتمعنُك لدقائقٍ قليلة
قبل أن أتقدم للجلوس -بُعد أمتار-
أعلم لنْ يَسمحَ خجلي بإطالة النظر إذا أقتربت .
رجلٌ فارع الطول نحيف يتقدم
نحوي و الذي أتىٰ من إثر
وشوشتُكَ لهُ ،
يدعوني للجلوس
- تفضلي يا آنسة معي ،
أستاذ جُبران يدعوكِ هُناك .
زاد إرتباكي ،
خفقان قلبي يحتفي بعُرسٍ صاخب .
تقدمت ، صافحتُ يدك ،
دافئة جداً و ليّنة
-علىٰ عكس ديسمبر-
عيني لا تترك النظرَ إلىٰ وجهك ،
أخشىٰ الوقوعَ في فخِ انتباهك ؛
لكنكَ أنتبهت !
عينُكَ ذكية أم عيني الفاضحة
لا أعلم .
هو أمامي ، أنه حقيقي !
حقاً أم أني مُتوهمة ،
تجاوزني و أخترق أنفي عطرك
الذي رافقني إلىٰ المنزل ،
أظن أنه عربيّ ممزوج بالعود
شعرت أني امتلأت به أفعمني ،
فرجعتُ من هذا اللقاء
مُتأرجحةً بتفاصيلِ التفاصيل
مُخلِدةً بعضاً مِن روحي هُناك ،
و الأغان تطربُ علىٰ حبالي حُباً .