في صِغري رسمت سفينةً كبيرة ليس موهبةً مني في الرسم فانا لا املك تلك الموهبة ولكن الخيارات كانت امامنا قليلة فلا تلفاز بمحطات على مدار اليوم !!!! ولا اجهزة ذكية تقتات عقولنا وذكاءنا ولا ملاهي جميلة تحلق بنا عالياً ...كان خيار الورقة والقلم خياراً لابد منه مع انعدام خيار الخروج للشارع واللعب مع ابناء جيلنا ممن لاتستهويهم امهاتنا رغم عشقنا الشديد لهم !!!!!
رسمتُ تلك السفينة ورسمت قبطانها حضرتي فمرض ( الأنا ) متأصلٌ فينا حتى النخاع وقلّ من ينجو من سرطانه الا من رحم ربي .....كنتُ أحلم ان أُبحِر بمن احب وخصوصاً اولئك الذين تكرههم امي لذلك خصصتُ لهم المقعد الامامي في السفينة خلفي تماماً ورسمتُ للسفينة أشرعةً ملونة تموج مع موج البحر الهادئ ...فلم أكن أعلم ان القيادة عبءٌ ثقيل وأن حب الظهور يقسم الظهور ...وأن الموج الذي رسمته هادئاً لم يكن هادئاً الا على ورقتي ....وأن الأشرعة المُترعة قد تهوي بها الريح لا كما تشتهي السفن ...وانّ امي كانت على حق فإن الذين اصطفيتهم وأجلستهم خلفي لم يكونوا خلفي بل كانوا امامي ينازعونني مركب السفينة ويحفرونها لإغراقي وإغراق احلامي ....
ولكنّ الذي لم تقله لي امي أن الحياة لاتسير بغير سفينة ...وأن عليك ان تختار مكانك المناسب في هذه السفينة وان تختار بحذر من يُبحر معك وان تمشي دائماً مع التيار وليس عكسه لتبقى اشرعتك مترعة صامدة واذا اضطرك الامر ووجدت نفسك ستغرق فارمي بمن معك ممن لايستحق الإبحار لتنجو بنفسك وتبقى صامداً عالياً شامخاً قائداً لسفينتك الى الامام ....اصنع سفينة النجاة بيديك كما رسمتها بيديك .....
-
لينا عبدالله نجمةكاتبة حرة...
التعليقات
ابدعت حقا في سرد الاحداث و ترتيب افكار و ذكريات من الطفولة ..لتجعلي منها عبرا و حكما .. لحياة كليئة بالانتصارات ..
ابدعت ...بالتوفيق