أثناء تصفحي لأحد مواقع التواصل الإجتماعي، صادف نظري منشور لزميلة لي تنصح فيه بمشاهدة إحدى حلقات برنامج آدم للدكتور سلمان العودة. و قد كتب في تفاصيل المنشور أن عنوان الحلقة (اعترافات). خلت في البداية أن الحلقة عبارة عن اعترافات يقدمها الدكتور العودة انطلاقا من تجاربه و حياته الشخصية لكن الأمر كان مختلفا تماما.
لقد ناقش الدكتور في هذه الحلقة موضوع اعترافنا بذنوبنا و اقدامنا على التوبة. فحرص على الاستدلال طيلة الحلقة بقصة آدم و حواء(عليهما السلام) باعتبارهما أول من أذنبا على وجه هذه البسيطة. فقسم الشيخ فكرة إلى ثلاثة أفكار.
الفكرة الأولى: حاول الدكتور سلمان العودة تفصيل حقيقة الإقدام على الذنب، و كيف أن آدم و حواءأكلا من الشجرة رغم تحذير و تنبيه الله لهما. فالإنسان يقدم على الأخطاء و الذنوب رغم علمه المسبق بأنه خطأ فكل ممنوع مرغوب. كما أن قصة آدم حواء دليل على أن الخطأ و الإيمان كلاهما موروث.
،الفكرة الثانية: بين الدكتور أن الطريق إلى التوبة يبدأ بالندم كما أن الندم وسيلة من وسائل التوبة. وهنا تظهر الاعترافات و الكلمات، حيث أن الإنسان يبدأ في طلب العفو و مناشدة الغفران. و هو ما فصله في قصة آدم الذي لم يتردد في الندم و التوبة . فلم يترك هذا الأخير مجالا لليأس من رحمة الله أن يتملكه. قال تعالى" ربنا ظالمنا أنفسنا و إن لم تغفر لنا و ترحمنا لنكنن من الخاسرين" و هنا يظهر التماس آدم و حواء المغفرة من الله، و استعطافهما له. فالتوبة بذلك تتطلب النداء و المناشدة و المناجاة. و هنا يظهر سؤال محير، ماذا لو كان أكلهما من الشجرة قد أدى بهما إلى الحرمان المطلق؟؟ ماذا لو لم يعفو عنهما ربهما؟؟ لقد بعث هذا السؤال في قرارة نفسي الشعور بالخوف و الضياع.
الفكرة الثالثة: و مقابل كل توبة يظهر بصيص الأمل المسمى بالصفح و المسامحة. حيث بين الدكتور العودة أن آدم و حواء كانا أول من أُتيبا على خطئهما . قال تعالى: "فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم" فبعد الوقوع في الذنب يكون الإنسان منكسرا و في أمس الحاجة إلى الإحتواء و الدعم. وظهر ذلك جليا في قصة آدم و ذلك من خلال عتاب الله لهما، قال تعالى: " ألم أنهكما عن تلكم الشجرة و أقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين" . و هذا إن دل فإنما يدل عن عنايته و اهتمامه بهما حتى بعد ارتكابهما للذنب. فبذلك كان عتاب الله لهما خفيفا، و لطيفا على قلبيهما، و ذلك دال على رحمة الله و رغبته في انتشال عبديه من اليأس ليشعرهما بامكانية التوبة بعد كل خطإ. توبة أجيبت بكلمات من الله عز وجل بشر بها عبديه.
شرح الدكتور العودة لفكرته بقصة آدم ما هو إلا وسيلة لبلوغ أهداف و نقط سامية. أولها أن خير الخطائين التوابون. فلا يجب اليأس أو الكف عن طلب المغفرة بعد كل خطإ سواء أكان دينيا أو دنيويا. ثانيها أن الصفح خلق يجب أن يتحلى به الكل، فكيف لنا أن نماطل في مسامحة الغير أو نرفض اعتذاراتهم و رب الأكوان يفغر الذنوب جميعها؟! سامح الناس كما تحب أن تسامَح عبارة تترجم بقوله تعالى: "و ليعفوا و ليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم"
لقد كانت هذه الحلقة التي لم تتجاوز السبعة دقائق درسا يجب أن يعلق في أذهاننا، و درسا يلقن في مناهجنا و مدارسنا ، و مبدأ يوجه علاقاتنا الدنيوية و الدينية.
تعلم عقب كل ذنب أن تتوب و تلتمس العذر.
تعلم أن لا تيأس من رَوحِ الله .
تعلم أن تسامح من أخطأ في حقك، فليس هنالك إنسان معصوم عن الخطأ.
-
oumaima hilmyالسلام, انا اميمة حيلمي طالبة ادرس علوم الاقتصاد و التدبير, ولكنني احب كذلك مداعبة الاوراق بكتابة بعض الخواطر و المقالات.