تبدو مجرتنا درب التبانة مكان هادئ لكنها تميزت بماضي عنيف، يبدو قرص المجرة المركزي هادئاً حالياً لكن تُكدر هدوئه النجوم والتي ربما بعضها أو أغلبها قد لا تكون ولدت في مجرتنا لكنها ولدة في مجرات صغيرة تابعة لمجرتنا قد تم ابتلاعها وتفكيكها في الماضي السحيق.

إن الدلائل على عمليات الابتلاع هذه موجودة في كل مكان، انظر مثلاً إلى بعض النجوم المتناثرة في مجرة درب التبانة إنها ناتجة عن سيدم (مجلان), ولكن فهم هذه العمليات وتأثيرها على باقي أنحاء المجرة هو أمر بالغ الصعوبة

لحسن الحظ فإن أقمار وكالة الفضاء الأوربية ESA والتي تسمى (غايا) سوف تساعدنا بشكل كبير على فهم هذه العمليات، علماء الفلك للتو قد حصلوا على البيانات والتي جمعتها أقمار (غايا) للسنة الأولى من عملها وهي تتضمن صورة تم التقاطها تبين خريطة للسماء

وأضرب هنا مثلاً من فريق بقيادة " Amina Helmi" من المعهد الفلكي في جرونينجن

وجد هذا الفريق مجموعة من البيانات سموها (علبة ممتلئة من الشكولاتة) تحتوي هذه البيانات معلومات حول النجوم في هالة قرص مجرة درب التبانة

من المتوقع أن هذه المنطقة والتي تضمن القرص الرئيسي للمجرة مليئة بالنجوم المتشكلة من عمليات الابتلاع والتصادم مع المجرات الأخرى.

للبحث عن هذه النجوم قام الفريق بتجميع البيانات القادمة من (غايا) مع البيانات القادمة من عملية مسح أرضية للسماء تسمى بـ(RAVE) والتي تضم أطياف الضوء القادم من هذه النجوم، حيث تشكل هذه الأطياف والتي تدل على المادة المكونة لهذه النجوم دلالة ذات أهمية للبحث عن توزع النجوم التي لا تنتمي للقرص الرئيسي للمجرة بحيث يمكن للفريق وضع علامات على نجوم هالة قرص مجرتنا, وبعد ذلك قام الفريق بالبحث عن نجوم ذات أصول مشتركة وذلك عن كشف أزواج من النجوم ذات سرعة واتجاه متشابهين.

وجد الفريق العديد من تلك الأزواج من النجوم والتي كان من المتوقع أنها تكونت عن طريق الصدفة، لكن نتائج الرصد تدل أن هالة قرص مجرتنا قد نمت من خلال ابتلاع المجرات الصغيرة والتي كانت قد كونت نجومها الخاصة بها.

مع ذلك بقيت لدينا العديد من الأسرار التي لم تكتشف بعد، منها أن أكثر من نصف نجوم هالة قرص المجرة والتي تكونت من ابتلاع المجرات القزمة، تبدو وكأنها تتحرك للوراء حول مركز المجرة حيث ظهرت هذه الحركة عن طريق عمليات المحاكاة الحاسوبية، وقد بينت عمليات المحاكاة أنه من غير المحتمل وجود هذه النجوم (الغريبة) عن مجرتنا عن طريق الصدفة!!.

حيث يؤكد أحد التفسيرات المحتملة أن هذه النجوم قد وجدت عن طرق واحد أو اثنين من الأحداث الفلكية الكبيرة وهي قد تكون عمليات اندماج لنظم نجمية كبيرة.

إن التأكد من هذه الأفكار تحتاج إلى فهم كبير للبيانات القادمة إلينا، اقترحت أوراق بحث عديدة وزعت على مدار العقود الماضية أن كتلة النجوم الكروية الجنوبية والتي تسمى (أوميغا قنطورس) هي بالفعل نواة لمجرة قديمة تم ابتلاعها من قبل مجرتنا.

يبدو في السيناريو المطروح أن المجرات القزمة القديمة كانت قد كونت كتلة كثيفة من النجوم في مركزها والتي نجدها اليوم في مركز مجرتنا وتبدو هذه الكتلة كذيل من النجوم شبيه بذيل المذنبات، وتطرح البيانات المجمعة أن عملية ابتلاع واحدة لا تكفي لتفسير وجود هذا العدد من النجوم.

نهايةً، إن هذه المعلومات والمعطيات لا تعطي تأكيدات جازمة لهذه المسألة المطروحة، إن دراسة من البيانات السنوية من (غايا) والتي ستمتد مهمتها إلى الأربع السنين القادمة سوف تظهر إلينا المزيد من (قطع الشكولاتة) في صندوق مجرتنا.

مترجم:BBC Sky at Night - January 2017