مستحضرات تشويه !
نشر في 18 ديسمبر 2017 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
لماذا تأخذ النساء صورا لهنّ بفم معوج أو لسان متدلّ أو سحنة غريبة .. و هل سيفهم الاسكتلندي " بيل" مكتشف شلل" العصب السابع" أنها حالة مزاجية مزمنة بين نساء هذا القرن أم سيظنها عدوى ڤيروسية !!
و لماذا قد تتكدّس الواحدة منهن في سروال يحتاج ارتداءه مبرهنات رياضية معقدة و تضع بقدميها ناطحة سحاب تختزل بها تشكيلة طه حسين في "المعذبون في الأرض" ؟
و من هذا الذي كذب عليهن و أخبرهن أن الأخضر و الأحمر فوق الجفن ألوان زينة .. و لماذا يرسمن شامات سوداء و يلصقن رموشا اصطناعية و يجعلن شفاههنّ كالنقانق الألمانية ؟
و أي سخف هذا الذي جعل بيننا من يعاندون حركات محسوبة على ذوي الاحتياجات الخاصة .. و كيف ترفض بعضهنّ أن ينعثوها سلعة و تقدم نفسها لمن حسابه في البنك أكبر .. ثم تكره أن يشبهوها بالدّمية و تجعل من وجهها مشتل ألوان صناعية يزهر في كل مرة أكثر ؟
ولماذا تمنح الرجل فرصة استهلاكها و تبكي بعد ذلك منه استغلالها .. و كيف يكون بأصبعها خاتم سليمان فتحيّر بدهائها و غنجها أحفاد آدم و إبليس، و عند أول كذبة ذكورية في جمالها تصير أحق بذيل القائمة بمقياس الذكاء لـ"ستانفورد بينيه"..
لماذا يعاند البعض منهنّ طائر العقاب على مخالب أطول و من أقنعهنّ أن طلاءها بالأسود أو الأصفر يجعل أيديهنّ أجمل ؟و لماذا تصبغ بعض النساء وجوههنّ ببعض المستحضرات حتى يشك من رآهنّ أن سطلا من الجير قد سكب عليهنّ .. و الأهم من ذلك كيف تكون علاقة بعض النسوة بالمرآة حميمة و لا يلاحظن أن عنقهنّ فضحهنّ حين أفلت من الجريمة كما يفلت متعمّدا عنق "الغييشا" اليابانية من التبييض ..
و إن حذفنا الواقع و جبرنا بخاطر "جون غراي" و ظللنا بكوكب الزهرة و ظلّ الرجال بكوكب المريخ .. أكنا سنرى هذه الحفلات الاستعراضية و هل سيكون لمستحضرات التجميل هذه الحظوة ؟
أكنا سنسمع عن عمليّات تجميل و شفط دهون و نفخ بالبوتوكوس و حشو بالسيليكون ؟ أم كنا سنرى نساء سعيدات في كل مكان و قانعات بأشكالهنّ و حسب !
ما الداعي لكل هذا العناء و ما القوة الكونية التي تجعل اهتمام بعض النساء بمظهرهن متبوعا بهذا الإغراق و الاستغراق ؟ هل الجمال مشروط بهذا العبث .. و ما ذنبه إن ابتلي بقصر نظر بعض من الجنس غير اللطيف و ميوعتهنّ..
لماذا صارت معظم النساء مصنّعات و متوفّرات في كل مكان .. و كيف غدت مستحضرات التجميل من أساسِيات الحياة بعد أن كانت لمُتعها الخاصّة .. و متى سنسمع عن مستحضرات تجميل للروح و الفكر و الأخلاق !
لقد ضيّعنا سرّ الوجود و ما اكتحلنا بجماله و أفسدتنا الأهواء فما نفعنا الماكياج بأصباغه .. و رحل عنا الحياء فتكفّلت البودرة بأسراره !
-
السعدية بن التيس ( صحيفتك فملأها بما شئت )علمية التخصص .. أدبية الشغف !
التعليقات
حقا ...ما الداعي لجعل اهتمام بعض النساء بمظهرهن متبوعا بهذا الإغراق و الاستغراق ؟ هل الجمال مشروط بهذا العبث .
لقد ضيّعنا سرّ الوجود و ما اكتحلنا بجماله و أفسدتنا الأهواء .....والنتيجة (رحل عنا الحياء)
الا من رحم ربي
مقال قيم ويجب ان نقرأه مرات ومرات ... دام فكرك وقلمك البناء الهادف
صدقت حقا .. الى متى ؟ !!!
أبدعت و أمتعتنا بكلماتك الانيقة و افكارك الرائعة .. و حروفك المنتقاة بعناية ...
دام ابداعك