رجال الدعوة غير رجال الدولة.. قاعدة مطردة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

رجال الدعوة غير رجال الدولة.. قاعدة مطردة

  نشر في 05 يناير 2021  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .


تبدأ الدول على شكل دعوة ثم ما تلبث أن تصبح دولة وإمارة ومأثرة تتوارثها الأجيال فيما بينها ، والمتتبع لتاريخ الدول وتطورها ومن ثم اندثارها وأفولها يدرك أن رجال الدعوة لا يصلحون للدولة، أو هذا ما يظنه رجال الدولة الأوائل وهلموا نرجع إلى تاريخنا الإسلامي لنثبت ذلك :

بدأ الإسلام دعوة، ثم ما لبث أن أصبح دولة في المدينة بدأت تنموا رويدا رويدا، ووصلت إلى ذروة مجدها في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بخمس وعشرين سنة فقط، بدأ الصراع الحتمي بين رجال الدعوة - أي السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار - يقودهم علي رضي الله وبين رجال الدولة- أي مسلمة الفتح -؛ يقودهم معاوية رضي الله عنها، آل الأمر فيها إلى انتصار رجال الدولة على رجال الدعوة، ونستذكر هنا استغراب الأسود حين قال لعائشة: ألا تعجبين لرجل من الطلقاء ينازع أصحاب محمد الخلافة؟ قالت: وما يعجب! هو سلطان الله يؤتيه البر والفاجر!

ويتضح هذا جليا في الدعوة العباسية حيث كان من أهم رجالات هذه الدعوة في مرحلتها الأولى سليمان بن كثير، نقيب نقباء الدعوة في خراسان، ولاهث بن قريضة ، وأبو سلمة الخلال، وأبو مسلم الخراساني، وهم الذين انتصرت بهم الدعوة حتى إذا أصبحت دولة بطشت بهم ، ويورد المؤرخون في هذا السياق قصة عبيد الله المهدي مع داعيته أبي عبد الله الشيعي، الذي مكن لدعوته في المغرب العربي حتى جاءه من المشرق فبويع له وقامت دولته ثم أرسل المهدي بعض جنوده لأبي عبد الله الداعية فقالوا له قولتهم الشهيرة المختصرة للفرق بين الدعوة والدولة (إن الذي أمرتنا بطاعته أمرنا بقتلك) .

ولم تكن الدول المعاصرة بمنأى عن هذه القاعدة فهذا حزب العدالة والتنمية في تركيا، بعد أن قامت دولته وثبت سلطانه، وكسر شوكة العسكر يبدأ برجال دعوته كعبد الله غول وداوود أوغلو وبابجان وغيرهم ليستبدلهم برجال الدولة، لذين لا يخالفون القائد ما أمرهم ويصنعون ما يؤمرون ، والأهم أنهم لا يرون أنفسهم ندا له ولا منة لهم في نجاح الدعوة .

وعندما بسط الملك عبد العزيز سلطانه على الحجاز وأنهى حكم الأشراف وانتهى من مرحلة التأسيس كان أول من بدأ بهم هم إخوان من طاع الله، لإدراكه العميق ودهائه الراجح، أنهم أصبحوا ثِقلا على الدولة وأن رجال السلم ليسوا هم رجال الحرب .

ختاما إن الدول تمر بعدة مراحل، ولكل مرحلة رجالها وسياستها، فهناك رجال للإقبال ورجال للإدبار ، والسعيد في الدنيا من كان من رجال الدولة، والمحظوظ في الآخرة من كان من رجال الدعوة، والأسعد منهما من جمع بينهما وذاك رجل واحد .



   نشر في 05 يناير 2021  وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .

التعليقات

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا