تلك الروح هي ما يجبر قلمي على التحرك فالحركة قد تخفف ما يحتدم في الصدور من ألم .. أقول "قد " يا صديقي والشكُ في زوال الألم يُثبته ولا ينفيه ..يثبته ويزيده عمقاً بل ويبرز البعد الثالث فيه ..ذاك البعد المتعلق بسؤالي عنكم "لماذا رحلتم ؟!" ..لماذا أنتم بالذات عليكم الرحيل بينما يبقى كل هؤلاء الحمقى يتجولون في أرجاء الكوكب ويصدعون رؤوسنا بتفاهاتهم ..لماذا أنتم تحديداً عليكم الرحيل ؟!
أسئلةٌ من هذا القبيل تذكرني بأسئلتكم ،تلك التساؤلات عن وجودنا وأولنا وآخرنا ،كلها تساؤلات خُلقت لتُطرح ثم تُطرح ثم يظن أحدهم أنه وجد جواباً ليكون هذا الجواب - هو الآخر- فلسفة طويلة لا نخلص منها بشئ ، ولو شئت رأيي لأخبرتك أن شخصك الذي عرفت رحل يوم بدأت تتسآءل ،ليس لأن التفكير أمر سئ يجعلك منبوذ بين الجماعات أمثال مجتمعنا وليس لأن البحث عن الحقيقة رحلة لا يقدر عليها إلا متزود بمؤونة تُعينه عليها ،لكن شخصك رحل لأنك أردت ذلك فتوافقت رغبة مع ظرف
لماذا أقول ذلك الآن ؟ لا أدري .. هي فقط كلمات أُطلقها بهدف اللاشئ ، منذ متى تستطيع الكلمات أن تُعيد روحاً أو تُحيي ميتاً ..ميتاً !! أصبحت هذه الكلمة معبرة عنك وتُمثلك ، هل تصدق ذلك يا صديقي ؟! حسناً، أنا أيضاً لا أصدقه...كنت مكتئباً قليلاً - أو كثيراً -، متجهماً بعض الشئ ،لكنك لم تمُت ،كنت حياً ومازلت ، ألا تستطيع أن تصدقني ولو لمرة !
بعد رحيلك كان العالم يستمر في حركته السريعة لاهثاً وراء المجهول ووجدتُ نفسي مُختنقاً بوجودي فيه ،كنتُ أتسآءل ، ألا يمكن لهذه الحركة أن تحترم رحيل أحدهم ..أعني ألا يمكنها أن تستمر لكن بعيداً - ولو قليلاً - عن حدود نفسه فتمنحه شرف مجالسة ذاته ولو لدقائق أو ثواني ..
لا أعرف ماذا يقول الناس في تأبين مفقوديهم لكنهم - قطعاً- لا يقولون كل هذا الهراء .. ليكن ، دعني أقول أن حتى الهراء يصبح ذا قيمة متى كان موجهاً إليك أو عنك يا صديق .. لكن هل هذه الكلمات موجهة إليك حقاً ؟ أعني هل ستقرأها وتُبدي رأيك وتقييمك لها ..هل تُجيد أرواح الموتى أن تفعل ذلك ، تباً ..هأنا أكرر هذا اللفظ السخيف مرة أخرى ، لكني فقط أتسآءل ..هل لك أن تجيب ؟
الموت .. هذه الكلمة التي تشبه نفقاً مظلماً تدُس فيه نفسك كلمانطقتها ، الميم بدية الظلام ، الواو نفسٌ طويل تجول فيه النفس بين الأحداث والكلمات حتى يصطدم شريط العرض بسكون التاء التي تسخر منك بدورها قائلة : " لن يعود شئ من ذلك أيها الأبله "
يغلبني النوم رغم أني أحصل على القدر الوافر منه هذه الفترة ، أنا مُتعب وضعيفٌ أكثر مما ينبغي ، ألن تسأل عني ؟ ألن تكون هنا ؟ .. عساكَ وجدت راحتك حيث أنت ، لن أعرف ماآلت إليه أمورك ولن أُقحم نفسي فيها - كالعادة- سأسأل الله أن يمنحك البهجة التي لم ألحظها عليك إلا ماندَر ..لعلها هذه المرة تكتمل !!
في الحقيقة وددتُ أن أكتب أكثر .. وددتُ أن أخبرك عمّا أضفته إليّ ، عن تلك الأشياء البسيطة المليئة بك ..ما تركته في عقلي غريب مثلك تماماً ، يبدو أن الصمت هو ما يجب أن أنتهي به الآن ، صمتاً ..صمتاً ..صمتاً ، ليتَ العالم يسمع !
-
Mariam Mostafaنحن نكتب لننتصر ..لأننا أقوى من كل ما نستطيع التعبير عنه فالحروف هي انتصاراتنا المتواضعه على ضعفنا قبل كل شئ
التعليقات
"جهّزوا نعشي وسوّوا لي قبري
فبموت الحب في قلبي تموت الذكريات
أم بموت الحب تحيا الذكريات؟"
تحياتي لكِ ..