نقاش هام جدا بيني وبين شيخنا العلامة حاتم العوني عن الكذب والتورية. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

نقاش هام جدا بيني وبين شيخنا العلامة حاتم العوني عن الكذب والتورية.

  نشر في 12 فبراير 2016 .

هذا النقاش بيني وبين شيخنا حاتم العوني بغض النظر عن درره العلمية ففيه درر تربوية علمية كامنة خلف السطور، أهمها هو عدم اغتراركم بالمراهقين الذي يعملون على تجديد الدين اليوم ويسمونهم أتباعهم بالمفكرين الإسلاميين والمجددين!! فهذا أنا انظروا إلى مدى تمسكي بفهمي الذي اتضح خطؤه واستدلالي عليه بأدلة قوية من الشرع لا العقل فقط، ورغم ذلك اتضح لي خطئي لما أظهر شيخنا نور علمه!! هذا رغم أني بالنسبة لأغلبية هؤلاء المراهقين عبقري من الناحية الشرعية والعقلية، وبالنسبة لكلهم متميز من الناحية البيولوجية، فإذا كان هذا زلل مثلي فما بالكم بزلل هؤلاء البراميل؟!

وإلى نص الحوار:

خالد: شيخنا الفاضل: لا أفهم أي فائدة من تحريم الكذب في غير الحالات الثلاثة الواردة في الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل لزوجته، إذ ليس منا إلا ويحتاج تقريبًا كل يوم أو بضعة أيام للكذب أثناء تفاعلاته مع غيره، لترضية النفوس، فما الحرمة في ذلك ما دام أنه لا يضيع أي حق على المكذوب عليه، ولا يؤدي إلى تفصي الكاذب من أي من مسئولياته الأدبية أو المادية أو المعنوية، بل الأوفق لقواعد الإسلام أن يكون فيه ثواب لغرض ترضية النفوس. وقد وجدت في إحياء علوم الدين يقول إن الصدق ليس واجبا على الدوام. فما رأي فضيلتك؟

الدكتور حاتم :

أولا : في المعاريض والتورية مندوحة عن الكذب ، وعلى الشخص أن يتدرب عليها . كما كان الشعبي يأمر أن يقال لمن كان يجيئه إلى باب البيت مستأذنا الدخول ، في وقت لا يرغب فيه بالدخول عليه ، فيقال له : التمسوه في المسجد ، فالمستأذن يظن أنه في المسجد ، وهو يقصد أن يطلب منه طلبه وقت الصلاة في المسجد . ثانيا : ليس المقصود الحصر ، وإنما المقصود ضرب المثل ببعض أهم المواطن التي يكون في الكذب دفع مفسدة أعظم من مفسدته .

خالد: وجه الإشكال في أن هذه التورية (التعريض) ممارسة بين العبد وربه لا بين طرفي العلاقة المخلوقين، ولا فائدة تعود على الطرف المعرَّض عليه لأنه سيفهم من (التعريض أو الكذب) خلاف ما يبطنه (المعرض/الكاذب) ولو عادت أي فائدة على أحد طرفي العلاقة لانحل الإشكال، ما فائدة هذه الشعرة (الحائلة بين الكذب والتعريض) التي شُرع من أجلها تلك الحيل اللفظية حتى أنني منذ بضع سنوات وأنا أقرأ كتاب "إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان"لابن القيم أذكر أني وجدته يشرع في ضرب أمثلة من الفقه في مئة صفحة كبيرة توضح إمكانية خلق هذه الشعرة! فلم أطيق القراءة لأنه بدأها بأمثلة من فقه الطلاق (ولم أدرسه) كما أني شعرت بتفاهة هذا المبحث أصلا، فكيف يُشرع لنا إنشاء هذه الحيل اللفظية التي لن تغير ما في باطن المعرض وستمنع المعرَّض عليه من أن يفهم باطن المعرِّض، كيف يُشرع ذلك والله لا يناله منا إلا التقوى ولا تناله الرسوم اللفظية والحركات اللسانية (إلا ماكان منها عبادة محضة) ومسألتنا في المعاملات لا العبادات المحضة، ما جدوى هذه الحيلة اللفظية وتلك الشعرة علمًا بأنها ترهق الإنسان لأن الموقف الاجتماعي متسارع في وتيرته لا يترك للطرفين وقتا للتأمل والتفكير في إخراج هذه الشعرة ولا سيما عموم الناس المغمورين في تفاعلات الحياة اليومية الاجتماعية، فكيف يكون فرض العين على كل مسلم بهذه الصعوبة والتعذر التي لا يطيقها أغلب الناس في كل زمان ومكان (بل ولا يطيقها كثير من العلماء المنشغلين بالعلم لسرعة التفاعل في الموقف) مثل هذه الحيل في شريعة البشر تُعد من السفه الإداري يسمونه (البيروقراطية) فلكي ينجز المواطن غرضه من أوراق حكومية لا بد أن يمر على عشرة موظفين رغم أنه لا يحتاج أكثر من اثنين، وبقياس الأولى لا يليق مثل هذا التشريع في شرع الله، ولا سيما وهناك نص يبيح الكذب في حالات ثلاثة فلماذا لا يُقاس عليها كل حالات ترضية النفوس وجبر الخواطر؟ وقد ورد الأثر عن بعض العلماء والعباد تعمدهم الكذب الصريح لينجو بأنفسهم من موطن ذلة كسجن ونحوه لا يستحقه أمثالهم.

الدكتور حاتم: فائدة المعاريض متعلقة بالمستعمل لها ، وهي فائدة نفسية : فهي أولا : تحميه من استمراء الكذب ، وتجعله دائم الحرص والتحري في تجنبه . وهي ثانيا : تمنع عنه تأنيب الضمير الذي قد يصيبه باليأس فلا يبالي بالكذب بعد ذلك . وهي ثالثا : تسمح له بتحقيق مصالح دنياه ، فلا يجمد على الصدق المؤذي والصراحة المهلكة ، مما مفسدته أعظم من مفسدة الكذب .

خالد:

جزاكم الله خيرا. فوائد درر

وماذا عن الكذب الصريح الذي ثبت عن رجاء بن حيوة هروبا من عقوبة سجن بسبب أحد السفهاء وهو لا يستحقها؟

الدكتور حاتم: يكون هذا عند الاضطرار إليه ، وعند العجز عن المعاريض ، أو الشك في قيامها بالمصلحة المرجو تحصيلها والمفسدة المرجو دفعها.

الدكتور حاتم:

يكون هذا عند الاضطرار إليه ، وعند العجز عن المعاريض ، أو الشك في قيامها بالمصلحة المرجو تحصيلها والمفسدة المرجو دفعها.

خالد:

أعتذر جدا عن التطويل، ودائما أعذر فضيلتك لو لم ترد لإنشغالك وتطويلي، رغم أن فضيلتك دائم التفاع معي. الفوائد الجليلة التي في إجابة فضيلتك حلت لي أصول الإشكال، ويبقى عندي نظر في زاوية أخرى يجعلني أحسن الظن بفهمي فيها إجابةُ فضيلتك عن فعل رجاء بن حيوة، هذه الزاوية هي أنه لو لم يستطع الإنسان التأمل في صيغة تعريض وابتكارها لتسارع وتيرة الموقف، فلا حرج عليه أن يكذب، لأنه بحرصه في عموم أحواله على مندوحة التعريض وحيازته لفوائد النفسية المذكورة في إجابة فضيلتك لن يضره لو تسارعت وتيرة الموقف أن يكذب، لأنه لو لم يكذب وعجز عن إخفاء باطنه لتسبب ذلك في حرج عليه وتباغض نفسي بينه وبين أخيه، وهذه النتيجة منهي الوصول إليها شرعًا، ولو كذب لحال الكذب بينه وبينه الوصول إلى هذه النتيجة المنهي عنها شرعًا (وهي التباغض وتشاحن النفوس) ولمَا حال هذا الكذب بينه وبين جنيه الفوائد النفسية من التعريض لحرصه عليه في عموم أحواله ووقت الاتساع، وفي هذه الحالات يكون الكذب مباح ولربما مُشروعًا مستحبًا، فما الداعي لأن يؤنب البعض ضميره على مثل ذلك؟ فضلاً عن يأس البعض من إمكانية كفهم عن موبقة الكذب لاضطرارهم إلى إلى الكذب أحيانًا فيوقعهم هذا اليأس إلى استمراء الكذب، ولو علموا فقه الموضوع في كليته واختلاف أحواله كما هو موضح هنا لما وقعوا في شرك اليأس والاستمراء.

الدكتور حاتم:

هو كذلك.


  • 2

   نشر في 12 فبراير 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا