إذا اقتربت من الصورة بغية أن تتكشف ملامحها ستجد نفسك أمام هرم ٍكبيرٍ تحتار من أين تبدأ الولوج الي ملامح المتعددة !!

إذا أردت الإبحار في صيرورة شخصيته ستحتاج إلي قواميس لتعود إليها لتبيان كل معاني الكلمات التي جرت علي لسانه .

سيعوذك قوارير من مداد لتكتب بها مأثرة في الشجاعة والتضحية والنُبل والذكاء التي اجتمعت في شخصه وقت السّلم والحرب .

سيلزمك أضواء كاشفة لتّستبين مناقبه في حلِه و ترحاله ، وخرائط لتتعرف مناطق العبقرية في شخصيته .

التربية علمته إحترام الكبار و الطفولة حَفرت في ذاكرته أمجاد الآباء ، والبادية ألبسَته ثوب الوقار ، و مجالسة الحكماء زادته فكراً و حلماً وأناةً ، شبابه وحياته قضاهما في بناء وطن للأبناء الأحفاد .

إنه عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سعود . ذلك الشاب الفتي الذي ما إن تلمحه عَيناك صورته بين أقرانه فيتملكك شعور غريب أهو جاء من زمن آخر ليبعث فيمن حوله روح البقاء ويُحيي فيهم مجد الآباء والأجداد ؟! .

كان بمقدور ذالك الفتي أن يستأنس بكرم الضيافة عند آل صباح !. لم يكن ليلومه أحد لو جلس ينظر إلى الأطلال في الوطن المسلوب وينتظر الأماني التي لا تأتي إلا في الأحلام ولا تشفع لها الأيام .

إنتفض في القاعدين ؛ مكاننا ليس هنا فالتراب والتاريخ ينادينا ؛ ما للخنوع خُلقنا وما حُق للهوان أن ينسينا ؛ أراه يرتدي ثوب الإصرار كما الأسد الذي يتحين اللحظة التي ينقض فيها على فريسته فيخرج طالبا إسترداد مُلك آبائِه وأجداده وحين تنظر إليه يضع خطط معاركه يمر بخاطرك عبقرية ابن الوليد وحكمة معاوية و دهاء نابليون فتسأل نفسك في أي المعاهد العسكرية تخرج هذا الرجل ؟!.

نجح في أن يخطو أولى خطواته في مشوار الأميال الطويلة فاستعاد الرياض ، وسريعا يخرج إلي الجنوب من نَجد ليثبّت دعائم نصره . يُرسل الوفود لتأمين الناس علي أرواحهم وأموالهم فهو لم يأتِ طامعا في حصاد أو بئر ماءٍ وإنما مظلةُ كبيرة تجمعهم وتوفر لهم العزة والقوة والنماء . آمن الناس بفكره فبسط نفوذه على الإحساء والقصيم .

لا تشغله فتوحاته وحروبه و أمور الدولة عن رفع أبيه على دابته أو تفقد أحوال رعيته أو حضور عزاء أو مجلس علم في بلدته .

الإصرار يدفعه ليستكمل الحلم الذي رسمه لنفسه فيسترد الحجاز ومن بعدها جازان ونجران . حتى يأتي اليوم الذي يعلن للدنيا أن حلمه و حلم شعبه قد تحقق فيعلن دولة التوحيد ويُلبسَهُ الناس حِليه المُلك والإمارة. وبعدها يضع ثوب المحارب ليرتدي ثوب البّنَاء فيحفزَ الناس ويشمر عن سواعده ليضع اللبنات الأولى ويحدد نور نسترشد بها في حاضرنا ومسَتقبلنا ..