كأن مخرج الواقعية الخالد "محمد خان" أراد أن يخبرنا بنظرته للحياة النهائية التي كونها عن تجارب عديدة في حياته، وهو يقف على أعتاب الموت.
سنجد في هذا العمل السينمائي البسيط الكثير من الألوان التي تُسعدنا تعطنا البهجة كلما تأملناها وكلما شاهدنا "قبل زحمة الصيف"، تلك الألوان التي يريد أن يُبديها أمامنا خان بوضوح تام ليبين أن الحياة قد تبدو جميلة للغاية من ألوان مُبهجة وأكلات رائعة وملابس جميلة وجسد إمرأة متاح لمن يُسقيه بعض الإهتمام عن ظهر قلب دون إستغلال.
لكنه لطالما كان يُظهر كل تلك البهجة إلا أنه أختلس من حياة الإنسان الفترة التي يفقد فيها ذاته، ولا يرى أي شئ جميل من حوله، لا يرى سوى هذا الفراغ الذي يحتل عقله تماماً.
دكتور يحي "ماجد الكدواني" يحب الحياة ..يُقبل على كل ما فيها من مال وشهرة وجنس وأكل بنهم، ولكن كل رغباته في الحياة غير مشبعة.
هالة سري "هنا شيحة" مطلقة حديثاً وتبحث عن حياة جديدة وشريك يعوضها عن زيجتها المنتهية وتقتل به الفراغ الجامح بداخلها، هذا الفراغ الذي جعلها تعشق شخصاً لم يكن لديه أي مميزات على الإطلاق إلا أنه كان يرى أن أصابعها أجمل شئ فيها، وهذا لم يبديه أحد عليها من قبل.
ماجدة باقية على زيجة تعيسة لتحافظ على الوجاهة الاجتماعية والشكل المقبول.
كل هؤلاء نراهم بعيون "جمعة" الشاب الصعيدي الذي أتي إلى القرية السياحية بالساحل الشمالي بحثاّ عن العمل ولقمة العيش، ليعمل جنيني إحتياطي في المنتجع السياحي حتى يعود العامل الأصلي لمكانه.
ويعرض على دكتور يحي العمل لدى أحد من معارفه كسائق في مصر ويتجاهله يحي تماماً، كما يعرض ذلك على مدام هالة لترد عليه رد لين لإبعاده في تلك اللحظة تحديداً "هحاول أسئلك حد من معارفي، لو محتاج سواق وابقى أقُلك"، هكذا يرى الإهمال في أعينهم ويعرف تماماً أن تلك الطبقة البرجوازية لا تهتم لأحد إطلاقاً سوى لأنفسهم، وكل ما يؤلمهم في الحياة رغم ما يُحيطهم من مال وشهرة هو الفراغ الذي يُصيبهم في نصف أعمارهم.
وكذلك يُنهي محمد خان فيلم "قبل زحمة الصيف" بسفر جمعة للصعيد برغبة منكسرة، ليعود إلى من يعرفهم ويعرفونه جيداً.
وقد أكد محمد خان بداخلي جملة قد قرأتها للراحل محمود سرحان كان يقول فيها "مكان لا تعرف فيه أحد، هو مكان لا تعرف فيه أي شىء عن نفسك".
ويرحل خان عن السينما المصرية الواقعية وعن الحياة تماماً، ليلمس بداخلنا جميعاً ثورتين، الأولي ثورة على إهمال تلك الطبقة البرجوازية للعمال الذي يعملون لديهم بإخلاص تام، وثورة ثانية على رغبتنا في المكان والزمان الذي نود أن نحيا فيه دون إغتراب.
-
أحمد عبد العليم سرحان"لا أُعرف نفسي كي لا أُضيعها"
نشر في 27 يوليوز
2016 .
التعليقات
لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... ! تابعنا على الفيسبوك
مقالات شيقة ننصح بقراءتها !
مقالات مرتبطة بنفس القسم
مجدى منصور
منذ 11 شهر
Walaa Atallah
منذ 12 شهر
يزن أبو زيد
منذ 1 سنة
Logiciel de facturation au Maroc
La gestion de la facturation est une tâche importante pour toute entreprise, de différentes tailles. Avec l’évolution numérique, un logiciel de facturation est devenus un outil indispensable pour automatiser et simplifier les processus metiers d'une entreprise. dans le marché
يوسف قريش
منذ 1 سنة
يوسف الدرقاوي
منذ 1 سنة
د. محمد البلوشي
منذ 1 سنة
فاطمة بولعنان
منذ 1 سنة
fawzi mosbah
منذ 1 سنة
من المستفيد من النّزاع القائم بين المغرب والجزائر؟
رشيد مصباح(فوزي)كاتب جزائرئإذا أردت معرفة المجرم الحقيقى فابحث عن المستفيد من الجريمة.يبدو أن هذه المقولة هي المعيار الحقيقي لمعرفة من المستفيد من النّزاع القائم بين بلدين مثل المغرب والجزائر.إنهاء الاحتلال الصّليبي ثمنه لم يكن مجرّد أرواح تم تقديمها على الأكف
مريم الجزائري
منذ 1 سنة
جلال الرويسي
منذ 1 سنة