لم يكن الصباح قد ازف بعد و عقارب الساعة قد اعلنت عن الساعة الثانية بعد منتصف الليل.. كانت ' حفصة ' لاتزال تعجز عن النوم حيث كان يقلقها خطب جلل..
نظرت الي النافذة و هي تتابع سكون الليل ثم اشاحت بوجهها بعيدآ قلقه عن امر تخفيه بداخل قلبها..
دق هاتفها النقال نظرت في رقم المتصل في هذا الوقت المتأخر من الليل لتجده' يوسف ' اخيها المسافر بلاد بعيدة
" كيف حالك ' يوسف ' و زوجتك ' يمني ' اشتقت اليكم كثيرآ "
" آمل الا اكون ايقظتك جميعآ بخير يا حفصة كيف حالك انتي و امي "
" لم يأتيني النوم بعد يا يوسف امي تركت المنزل منذ عهدوذهبت لتعيش مع اخانا ' علي ' و زوجته ' حنين ' "
" اعلم ان ' حنين ' طيبة القلب و لن تضايق امنا و لكن لا تغضبي يا ' حفصة ' امنا امرأة طاعنة في السن و لن تحتمل طبيعة مرضك "
" لا ادري لماذا تعاملني بهذه الطريقة و كانني لست ابنتها "
" انتي متعبة الان ' حفصة ' ساتركك تخلدين للنوم العميق "
اغلق ' يوسف ' الهاتف بينما خرجت ' حفصة ' من غرفتها لعمل فنجانآ من القهوة بعد ان عجزت عن النوم..
نزلت حفصة الدرج كي تصل الي المطبخ و ه تحمل قنديلآ صغيرآ في وسط الظلام كانت الكهرباء منقطعة عن المنزل منذ عدة ليالي بسبب عطل في الكهرباء دخلت المطبخ و بدأت اشعال الموقد و هي تضع عليه ابريق به بعض الماء للغليان ثم اعدت الفنجان و خلصت به القهوة و السكر احست بوجود روح تسكن معها المكان فجأة شعرت بكف تلامس كتفيها ارتجف جسدها من الخوف و تسمرت في موضعها سائلة نفسها عن صاحب اليد اللامسة
" مرحبآ يا ابنتي هل اساعدك "
" من انتي يا امرأة "
" انا امرأة من زمن اخر سكنت منزلك قبل مجيئك بقرون "
" ماذا و كيف وصلتي هنا "
" عثرت علي قمقم بداخله ' مارد ' و قد حقق لي امنيتي بالسفر عبر الزمان فاختر الذهاب للمستقبل لاري ساكن بيتي "
" لقد قال لنا المشتري ان هذا المنزل كان ملكآ لامرأة اجنبية هاجرت مع اهلها و باعت المنزل له "
" اووه هذا ' يحيي ' قد ابتاع مني منزلي بثمن بخث لاني كنت في حاجة للسفر الي بلدي "
" و ماذا تريدي مني الان "
" اريد ان ابقي معك لبعض الوقت الليلة لاري كيف تغيرت الحياة في منزلي "
" لقد تغير تقريبآ كل شئ باعت امي اغلب الاثاث الراقي لمساعدة اخواي في زيجاتهم و لم نملك سوي بضعة اثاث قديم متهالك بت ابيت في المنزل فارغآ من الاثاث "
" ما هذا الذي تشعليه "
" هذا موقد نعد عليه الطعام و المشروبات "
" لم نملك في زماننا سوي قدور فخارية نعد فيها طعامنا و شرابنا "
" اراقبك ' حفصة ' منذ فترة طويلة و لكن لا افهم ما بكي "
" انا مصامها ال ضبعلة في الرئة و قد يأتيني الموت في اي لحظة بعد ان وهن المرض جسدي "
" الموت يا صبية قدر مكتوب و سنراه حتمآ "
" الا تملكين رفاق يا صغيرتي "
" ابتعد الجميع عني لان مرضي قاتل و معدي و قد خافوا علي ارواحهم حتي امي كانت اول من فعل ذلك "
" البشر انانيون يا عزيزتي وقت الموت الكل يختار نفسه هربآ من مصير قادم لا محالة "
" ما رأيك ان نمضي بعض الوقت في السمر في حديقتي الليلية "
" سيكون امر لطيفآ فانا بحاجة الي انيس في وحدتي "
نزلا الي الحديقة الخلفية و قد جلست المرأة علي مقعد هزاز قديم تبعتها ' حفصة ' التي جلست بجوارها
" تذكريني بابنتي ' جين ' كانت جميلة مثلك مقبلة علي الحياة تحب رقص البالية الذي احترفته و حققت المراكز العالمية الاولي رغم انها كانت ضريرة الا ان هذا كان حافزآ لها ان تثبت للمبصرين انها لا تقل عنهم في شئ كنت اصحبها ليلا لمجلس سويآ في الحديقة و تتجازب احاديث المرح "
" ليتني قابلت ابنتك ' جين ' لكنت اتخذتها رفيقة علي الفور "
" كان مشروبي المفضل ' عصير الفراولة ' الذي كانت تعده لي ' جين ' كل صباح لاشربه علي مائدة الافطار كان يمازحها دائمآ ابيها انها ابنة امها المدللة "
" كنت اعشق في صباي جلسات الكعك مع الشاي كنت اري امي المرأة الريفية البسيطة تتجمع مع النسوة و هن يعددن ' الخبيز ' فاتسلل من اوسطهم لعلي احصل علي قطعة عجين لاشارك في هذه الوجبة الرائعة و ما ان اشم رائحة الكعك تناديني امي لاحصل علي بعض الكعك مع الشاي المخلوط باللبن فانهم بذلك الكعك و المشروب اللذيذ كنا نجتمع جميعآ عند الفوارة حيث نتاول الكعك و نحتسي الشاي المخلوط باللبن للصغار و الشاي للكبار و نحن نشاهد المياة الجميلة المتناثرة من الفوارة "
" الوقت قد ازف الان يا بنيتي و شارفت الفجر علي الظهور علي الرحيل الان "
" ارجوكي ابقي معي لا اريد البقاء بمفردي "
" لا يمكن ساحاول ان ازورك من وقت لاخر "
" الا يمكن ان تصحبيني معكي "
" لا يا بنيتي هذا اعجز عنه اراكي لاحقآ "
اختفت المرأة تمامآ و تركت خلفها روح جميلة تبحث في ذاتها عن اكليل السعادة
" انت من تصنع سعادتك فقط حينما تغمر روحك السكينة "
" النهاية "
-
Menna Mohamedكن في الحياة كعابر سبيل و اترك ورائك كل اثر جميل فما نحن في الدنيا سوي ضيوف و ما علي الضيف الا الرحيل الامام علي بن ابي طالب