إذا كنت قد قررت العمل بالمحاماة , فاستخرجت بطاقة ممارسة المهنة و أقسمت اليمين بأن تحترم القانون و الدستور أن تؤدي عملك بكل أمانة , فأنت قد اتخذت أهم قرارات حياتك  , وما عليك سوي أن تتحلي بالمثابرة و الاصرار لتصل إلي أهدافك .

الخطوة القادمة التي يتعين عليك تقريرها هي انضمامك لمكتب محاماة لتتعلم فيه أبجديات المحاماة , فأرجوك لا تتهاون في اتخاذ مثل هذا القرار , فماذا عساه يكون المكتب المناسب لك ؟

كثافة العمل هي المحدد الرئيسي لقرارك , فكثرة العمل هي التي ستصقل مهاراتك القانونية و تكثف معلوماتك القانونية و ستزيد من تعاملك مع المحاكم المختلفة و موظفي وزارة العدل ـ مساعديك و مرشديك الأساسيين ـ مما يزيد من فرص نجاحك في المهنة .

إذا كان مدير المكتب ـ المدير التنفيذي أو صاحب المكتب ـ محامياً ماهراً حسن السمعة , فستكون فرصك في النجاح أكبر لأنه سيعطيك ثقة أكبر في أمكانية النجاح .

كلما كان العمل بالمكتب مزدهراً كلما زادت أمكانية تعلمك بسرعة , و اطلاعك سيكون واسعاً علي دعاوي مدنية و جنائية و عمالية , و الحضور أمام المحاكم علي اختلاف درجاتها و أنواعها , وستكون هناك فرصة كبيرة للتدرب علي كتابة الأوراق القضائية من أوراق المرافعات و المذكرات بالدفاع المدنية و الجنائية .

كلما كثر العمل بالمكتب الذي انضممت إليه كلما سرعت عملية التعلم , وبشرط أن تشترك مع زملائك في أداء العمل و ألا تكون مُستبعداً لسبب أو آخر , كزيادة عدد المحاميين المتدربين .

قرارك باختيار المكتب الذي ستتعلم فيه المحاماة , من أهم القرارات في حياتك المهنية , ستحب المهنة أو تكرهها , ستنجح في المهنة أو تقرر العمل بشيء آخر , كما أن ثقة المحامي الذي تتمرن في مكتبه ستنعكس عليك , ونجاحة سيشكل دافعاً قوياً لتصبح مثله .

مظهرك اللائق يعكس شخصيتك , و من الأفضل أن ترتدي بذلة مع رابطة عنق دائماً .

تعاملك المحترم مع زملاء المهنة و تقديرك لهم في غيابهم , و بناء علاقة متميزة مع موظفي المصالح الحكومية ـ خصوصاً موظفي وزارة العدل سيشكل مصدراً مهماً من المعلومات القيمة و المساعدة الفعالة . وغني عن البيان أن التعامل بجدية و وقار مع القضاة ووكلاء النائب العام يؤكد احترامك للنظام القضائي , ويزيد من هيبتك و احترامهم لك .

ستحتاج إلي " كراسة تطبيقات " تدون بها كل الاجراءات الادارية التي تعلمتها أمام المحاكم , تكون دليلاً لك فيما بعد ـ عوضاً عن تكرار سؤال الزملاء , قد تحتاج إلي كتابة بعض الأفكار القانونية أو طريقة إدارة دعوي قضائية .

ستحتاج إلي معرفة جيدة بقانون المرافعات المدنية و التجارية وفقاً لآخر التعديلات بالقانون رقم 76 لسنة 2007م , وهو أهم قانون اجرائي , فهو الذي يُحدد كيفية قيد دعوي ومباشرتها أمام المحكمة المدنية المختصة , أنا أطلق عليه " قانون المحكمة " , وقانون المرافعات هو القانون العام بالنسبة للقوانيين الاجرائية الآخري , كقانون الاجراءات الجنائية .

إذا كنت تآثرت بالصورة الدرامية للمحام , فأنت تَحلم بأن تُصبح محام مترافع أمام المحاكم الجنائية , بشرط أن تكون لديك ملكة الإلقاء و شجاعة التحدث أمام الآخرين , فأنت تحتاج للإلمام بقانون الاجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 وفق أحدث التعديلات بالقانون رقم 11 لسنة 2017 .

ستتعلم اجراءات مباشرة الدعوي العمومية أمام محكمة الجنح و محكمة الجنايات ـ عندما تُصبح محام اسئناف ـ و قواعد التحقيق الابتدائي أمام النيابة العامة و قواعد الحبس الاحتياطي .

قراءاتك في القانون الاجرائي لا تغني عن قراءاتك في القانون الموضوعي , ولكن الاجراء الشرط الأساسي للعمل بالمحاماة .

أمامك رحلة رائعة من التعلم و التحدي في هذه المهنة , وللتعرف علي العالم الحقيقي من خلالها .

تسألني عن " المال "  ؟ عن المكافأة ؟

حسناً دعني أخبرك أنها الجزء الأسهل في الأمر , بشرط أن تتفاني في عملك و تثابر علي التعلم و العمل .

أخيراً , لا غني للمحام عن القراءاة لكبار الكتاب , ولو كان لي نصيحة , فسأوصي بقراءة كتاب " العقد الاجتماعي " لمؤلفه العبقري جان جاك روسو و كتاب " روح القوانيين " لمؤلفه مونسكيو , عن نفسي أحب قراءة التاريخ و المعارف العامة  و أخصص وقت كبير للقراءة .

عليك بالإلمام بقواعد اللغة العربية " النحو " و تدرب و تعلم ولو تتطلب الأمر " درس خصوصي " لتجنب الأخطاء الإملائية المعيبة , فمثل هذه الأخطاء لا تليق بمثلك .

يُروي أن المحامي و السياسي المصري مكرم عبيد أنه كان يحفظ آيات قرآنية يستشهد بها أثناء مرافعاته بالمحاكم المصرية , باعتبار أن القرآن الكريم هو قمة البلاغة بالعربية علي الاطلاق . عليك بتعلم لغة أجنبية , الانجليزية ثم الفرنسية , إذا أردت العمل بمكتب دولي للمحاماة .

آمل أن نتقابل مرة آخري لنتحدث عن تأسيس مكتب محاماة ناجح أو لربما الالتحاق بمكتب محاماة دولي .