هل يستطيع من يسمي نفسه سيف الإلحاد المسلول أن يجيب عن هذا السؤال بلا لف ولا دوران؟ 

كيف نصنع مجتمعا أخلاقيا تحت أدبيات الإلحاد، في عالم مادي؟

سنحاول أن نتصور ذلك تصورًا إبستمولوجيًا، من منظور مادي إلحادي مُجرد، بناءً على رؤية الملحدين أنفسهم.

إن ذلك يحتاج منا اقناع كل فرد بالمثالية و التضحية، فكيف يستطيع دعاة الإلحاد أن يقنعوا الناس بذلك، فليس ثَمة إغراءات ماورائية، وليس ثمة تطلع أُخروي يبرر التضحية والالتزام بالمُثُل العليا، التي هي جوهر القضية الأخلاقية!

فكيف للسارق أن يختلس أموال الناس ظلماً و عدواناً، و كيف لهتلر و لينين و ستالين أن يقتلوا الأطفال و النساء و الرجال، و يكون مصيرهم كمصير من أرفد حياته وضحى بروحه لإنقاذ الشعوب و صرف أمواله لمساعدة الفقراء ، و لعلاج المرضى ! فأخبرني يا صديقي الملحد عن أولئك الطغاة المجرمين من القتلة، الذين سفكوا دماء آلاف الناس أو ملايين البشر ، هل سيعاقبون بعد موتهم؟ وهل ستؤخذ حقوق المظلومين منهم ؟ إن كان مصير الصنفان واحد ، فما المانع أن أكون سارقاً مجرماً متعطشاً للدماء و الظلم والشر !

إن الأمر الذي يجب أن يعرفه صديقي الملحد؛ أن أكثر الحروب العالمية كانت دائما نتاج المجتمعات الأرستقراطية الملحدة ، والإلحاد هو الذي زوّد الإمبريالية الغربية بإطار نظري لإبادة الملايين باسم العرقية المادية والبيولوجية الداروينية، ولن نستطيع تخطئة كل هذا في أدبيات الإلحاد، وعلى الملحد أن يتبنى بمنتهى الهدوء اليد الخفية عند آدم سميث، والمنفعة عند بنتام، ووسائل الإنتاج عند ماركس، والجنس عند فرويد، وإرادة القوة عند نيتشه، وقانون البقاء عند داروين، والطفرة الحيوية عند برجسون، والروح المطلقة عند هيجل، وإلا فالملحد سيُعتبر متمردا على المادية الحتمية.

كتبه محمد الحسن وادي الرحمة ‏١٣ نوفمبر ۲۰۱۹‏، الساعة ‏٥:٤٢ م‏