العين التي التهمت المشهد
فارتدته وغاصت فيه ولونت به عينيها كي لا ترى غيره وتوقف العمر عندها ولم يعد شيئا يُدهشها، فتساءلت عن كون الأيام صارت متشابهة اعتيادية!
نشر في 18 أبريل 2020 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
يتهافتون يسيرون يهرولون فيمكثون ويتحدثون يتغيرون فيمضون ويغادرون وينسون أو يتناسون ، يتكرر المشهد وتستمر الحياة وهُناك أرواح صامتة تتأمل وتُكوى دون أن تستنجد أو تَشفى.
حاولت اختصار ما يحدث معنا في الحياة ببضع كلمات، من اتى ومن بقى ومن رحل دون التفات.
حاولت أكثر أن أتغير -لأنمو وأكبر- فالتغيير هو سنة الكون والحياة
ولكن هل نجحتي وتحررت روحك؟
لا، لم أزل حبيسة مشاهد ابتعلتها عينيّ وظلت تتكرر طيلة الأيام في دماغي، وكأن العمر كله اقتصر على تلك اللحظة وتجسد على هيئة مشهد!.
أن تعيش حياة كاملة من وجهة نظري يعني أن تجرب المشاعر السيئة منها قبل الجيدة -أن تتذوق روحك جميع النكهات- أن تفرح تبتهج تحزن تبكي تصرخ تشقى تبتئس تندهش وتحلق روحك عاليا ثم تسقط فتصاب وتُدمى وتعوي وتنزف وتشفى أو لا تشفى فتمضي ثم تنسى أو فقط تتناسى ولا تَنسى.
قد تهترئ روحك بفعل الأحداث السابقة وقد تتلبد أيضا جرّاء المشاعر المتراكمة، فلا تعرف للحظات الجديدة شعور، الحدث مبهج الجميع يتقافزون فرحًا لكن الفرح لم يستطع الوصول لروحك جرّاء المشاعر والذكريات القديمة المتلبدة من حوله، عيناك قد التهمت مشهدًا أو أكثر، فتلونت حياتك بهما، وأصبحت أثقل تمشي ببطء أكثر لا تشعر باللحظة تحس بأنك في وهم أو حلم، ألم أعش هذه اللحظة من قبل؟! تجرّ وراءك ألاف المشاعر والأماني المؤودة وفي داخلك ألاف الأرواح الصارخة والمحملقة بك ببرودة !
تشعر بأن من قابلتهم جميعا التصقت أجزاء من روحهم في روحك ، لاتستطيع التصرف بمرونة وعفوية تظلَّ عينيك شاخصتان تتأملان ولا تنطقان، تتذكر كلماتهم نظراتهم وهمساتهم ،لاشيء بيديك سوى الاستمرار واستبدال الكثير من الفواصل بالنقاط ، فكثير من الاحداث قد انتهت قبل أن تبدأ حتى أو أن تعرف المعنى منها ،والعديد من الأشخاص قد غادروك قبل أن تفهم سبب مجيئهم، فلاشيء قد يكتمل وربما حتى نقاطك التي تضعها وكلك اختيالًا بقوتك في إنهاء الأشياء، قد تتساقط على حين غرة فتنفتح الأوجاع.
نقطة ومن ثم جملة جديدة ربما تكون هذه هي الحياة أو الطريقة المثالية للعيش .
نقطة ومن ثم فقرة جديدة، قد يكون السر في أن تنزع رداء السنوات السابقة لتنفضه كل ليلةٍ ، فتُسقط المشاهد والكلمات العالقة والمشاعر والذكريات الباقية فتنام وروحك خفيفة وتستيقظ بروح جديدة تندهش وكأنه يومك الأول في الحياة، وتعيش وكأنك لم تُخذل قط ،في عينيك عُمق الحياة وفي يديك تُزهر الأفراح ويفوح منها عطرٍ يداوي كل الأجراح وفي مبسمك يستريح كل مُلتاع.
نقطة ومن ثم كلمة أخيرة كونوا بخير دومًا.