الإعلام العربي و اللغة العربية - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الإعلام العربي و اللغة العربية

تحيا الأمة بإحياء لغتها

  نشر في 06 غشت 2015 .

ليست اللغةُ ظاهرة ثقافية وعلمية فحسْبُ، ولكنها - زيادة على ذلك - ظاهرة ٌحضارية، سياسية، اجتماعية، تَقوى بقوة أهلها، وتتراجع بضعفهم وانحدارهم. و ما هيمنة بعض اللغات الأجنبية اليوم، إلا بسببٍ من هذا العامل الحضاري السياسي: قوة أهل اللسان الأوَّل، وضعف أهل اللسان الثاني.

وقد غبر على العرب زمانٌ كانوا فيه على مسرح التاريخ، يصنعون وجهه، ويرسمون خارطتَه فكانت لغتُهم سيدة اللغات، وكانت أمَّ الألسنة واللَّهَجات. تلك هي مشكلة اللغة العربية اليوم، إن انحسارها لا عَلاقة له بخصائصَ ذاتية فيها، ولا يتعلق بصعوبة نَحْوِها، أو وعورة صرفِها، أو عقم مناهجها  أو غير ذلك مما يذيعه قوم بيننا، ولكنه عائد - في المقام الأول - إلى انحسار أهلها، وضعفهم، وغيبتهم عن مسرح الحياة، وصنع القرار فيها !

اللغة و الإعلام :

تواجه اللغة العربية الفصيحة اليومَ تحدياتٍ خطيرةً، توشك أن تَعصِفَ بها، وهي محتاجة إلى وسائلَ كثيرة تعينُها على الصمود في مواجهة التحديات، وقد كان الأمل معقودًا على وسائل الإعلام المختلفة لكي تؤدي بعضًا من هذا الدور أو معظمه فأجهزة الإعلام - من تلفاز، وإذاعة، وفضائيات، وصحافة وغيرها من وسائل الثقافة والتثقيف الهامة - باستطاعتها أن تضطلع بدور لا يماثِلُه دور في خدمة اللغة العربية الفصيحة، ونشرها بين الناس، وتحبيبها إليهم، وفي الانتصاف لها  من طغيان العاميَّات، وانسرابها إلى كلِّ نشاط من أنشطة حياتنا العربية . خاصة و أن وسائل إعلام عربية كثيرة أصبحت تُروِّجُ للعاميَّات بشكل سافر، وتزيدها استعلاء وجهارة، وأصبح معظم ما يُقدَّم من برامج في الفضائيات يُقدَّمُ بالعامية؛ وجاوز الأمر التمثيليات والمسلسلات والأفلام، فدخل بعضَ البرامج الثقافية والتربوية والتعليقات السياسية، بل نشرات الأخبار في بعض الفضائيات.

إن حظَّ العامية في وسائل الإعلام يتضاعفُ يومًا بعد يوم، حتى بدتِ العاميَّات المختلفة من مصرية، وشامية، وعراقية، ومغربية، وخليجية، وغيرها - هي المهيمنة هيمنةً واضحة، حتى كأنما يُراد حَمْل المتلقي العربي عليها حملاً، وجعلها واقعًا لغويًّا مفروضًا عليه، بدلاً من العربية الفصيحة؛ لغة الدين والحضارة والأصالة والتوحد.

أسئلة تطرح :

أسئلة عديدة تطرح : لماذا تغيب العربية من كثير من وسائل الإعلام العربي؟ لماذا ينحسر حضورها هذا الانحسار؟ سؤال طرحه كثير من الدارسين، وتبايَنت الإجابات عنه، ومن أبرز العوامل التي ذكرت:

• عدم الإحساس بأهمية اللغة العربية الفصحىو تقدير دورها في الحفاظ على شخصية الأمة وكرامتها وهُويَّتها ووحدتها.

• عدم ثقة قوم ممن اهتزَّ انتماؤهم الحضاري لأمَّتهم، بمقدرة لغتهم على أن تكون لغةَ علم وفنٍّ وثقافة.

• جهل كثير من الإعلاميين بها.

• الانبهار بالآخر الغربي لعوامل مختلفة .

• ظنُّ فاقدي الثقة بأمَّتهم وحضارتهم أن استعمال اللغات الأجنبية دليلُ الحضارة والرُّقيِّ.

• التكاسل في الترجمة والتعريب، وإيثار الجاهز من الألفاظ والمصطلحات والمسمَّيات الأجنبية.

ومن الواضح أن هذه العوامل، وكثيرًا غيرها، تقع جميعًا في دائرة تحسين الظن، واستبعاد عوامل الخيانة والتآمر على لغة الأمة وحضارتها.

إيجابيات الإعلام في خدمة اللغة الفصيحة:

وعلى أن الإنصاف في القول يقتضي أن نبيِّن أن بعض وسائل الإعلام العربية قد خدمت اللغة العربية، وكان لها دور إيجابي في نشرها وتقريبها من المتلقين، بل تحبيبهم فيها.

إن اللغة العربية المستعملة في بعض وسائل الإعلام هي لغة فصيحة، سهلة التناول، قريبة من أفهام عامة الناس، وهي لغة مقبولة على ما قد يشوبها أحيانًا من بعض الأخطاء اللُّغوية، أو الأسلوبية، أو النحْوية، ولكنها أخطاء يمكن تجاوزها، والارتقاء بلغة الإعلام، ولا سيما إذا ازداد الوعي اللُّغوي، ونما الإحساس بأهمية العربية، والحرص على ألا تزاحمَها العاميَّات في هذه الأجهزة التثقيفية الهامة.

إن الإعلام - بما يملك من إمكانات التواصل المذهلة، وبسبب تأثيره البالغ في المتلقين - يمكن أن يكون من أنجع وسائل الازدهار اللُّغوي، وتقريب المسافة بين المواطن العربي ولغته القومية، وإنه لقادرٌ على خدمة اللغة العربية خدمةً لا حدود لها، ولا سيما في عصر ثقافة الاستماع، ثقافة الصورة المصاحبة بالكلمة المنطوقة، واستعلائها على الكلمة المقروءة.



   نشر في 06 غشت 2015 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا