هناك في عالمًا مزدحمًا بالقصص والحكايات وكذلك بالباعة الجائلون قد لا تتهيئ لك الفرصة لدخوله أبدًا ،وإن حدث فلن تفيق سوى على صريخ إحداهن وهي تقول "يا أستاذ اطلع بره هنا عربة السيدات فقط".
أما أنا فالأمر يبدو لي روتينًا ،أستقل المترو يوميًا ذاهبًة إلي عملي وبالكاد أجد لي مكانًا محدودًا في عربة السيدات ،عادة لا أتحدث لأى من الراكبات وأقضي الوقت في القراءة ،لكن اليوم ثمة إختلافًا ما ،أرى أمامي شابة في مثل سني تُتمتم ببعض الأشياء ،مُفعمة بالحزن الشديد حتى أننى شعرت بأن شبح الفتاة هو الذى يركب معنا عربة السيدات.
تجرأت وسألتها: هل كل شئ على ما يرام؟
نظرت نحوي وعيناها تحارب الدموع ،تحاول الإمساك بها قبل أن تتساقط أمام الجمع ولم تنطق بكلمة واحدة!
بدأ الشك يدق باب قلبي ، لم أدرى ماذا يجب علي أن أفعل و في الوقت ذاته لم أكن اريد التطفل أكثر من ذلك ،بحثت في حقيبتي ووجدت قطع من حلوى الشيكولاتة ،امسكت بهم واعطيتها إياهم.
رفعت رأسها وما كادت أن تشكرني حتى انطفئت الأنوار فجأة واصطدمنا جميعًا بعضنا البعض ثم حدث إنفجار هائل ،لقد اصطدمت عربات المترو بمترو أخر.
سقطتُ أرضًا وشعرت بأن قدمى قد اُصيبت ،لا أدرى هل من الحادث نفسه أم من التدافع ،صراخ وعويل من كل جانب ،العربات تكتظ بالأحياء والأموات ،والتنفس أمنية مستحيلة.
وجدت ضوئًا خافتًا ،ينبع من بطارية صغيرة ،إنها الفتاة التي كنت اتحدث معها منذ لحظات ،يا للهول وجهها مُلطخ بالدماء وتكاد تحتضر ورغم ذلك تبتسم!
قالت لي في وهن:دُمرت حياتي ومنذ أن ركبت العربة لم اكف عن طلب الموت من الله ،تمنيته في دعائى ورسائلي إلى الله ،يبدو أن الله قد استجاب لمناجاتي ولكن قبل أن أموت ،اود طلب شيئًا أخر من الله وهو أن يُنقذكِ من الموت ،لقد كنتِ سببًا في جبر خاطرى.
بدأت افتح عيناي في بطئ شديد ،هناك ضوء أبيض سُلط فوقي مباشرة ،ما هذا؟ لماذا يلتف حولي هذا العدد من الناس وكلهم يرتدون الأخضر؟ من أنتم وأين أنا؟
شخص مجهول: لقد كان حادث مروع ،بدأتي تستعيدين وعيك من البنج ،أنا الدكتور عمر،حمد لله على سلامتك ،لقد أجرينا لكِ عملية في القدم اليسرى.
إننى مازلت على قيد الحياة! هل كانت رسائل تلك الفتاة إلى الله سببًا في قدري هذا و في نجاتي؟ لا اعلم ولكن رسالتى ودعوتي إلي الله هي أن يتغمدها في رحمته.
-
ريم ياسرهنا ستجد الحقيقة دون تزيف أو رتوش. An old soul who missed her way to ancient times & stucked in our life