بعد أنْ كنتِ وكنَّا...، صرتِ ...، ولكنْ ما زلنا...
ما غيَّركِ؟!
قلبُكِ هو القلبُ نفسُه الذي كان ينبض بالحب...، وثغرُكِ هو الثغرُ نفسه الذي كان يترنم بكلمات الحب...، وشفتُكِ هي الشفةُ نفسها التي كانت تقبل كلماتك -عند خروجها-قبلةَ الحب؛ فكنتُ أتلقى كلماتك بشفتي، وأسمع قبلاتك بأذني!!
وأنتِ هي هي أنتِ نفسك التي كانت تجاذبني أطراف الحب...!
فماذا غيَّركِ؟!
.... أسبقتِ الحبَّ أداةُ نفي؟
نطقتِها(١) أولَ ما نطقتها صعبةً؛ فهل أقرَّ قلبُك بنفيها حين أقرَّ سهلاً؟!
أتذكرين سيرَنا إلى مسكنِك؟
أذكرين يوم كادت سيارة تصدمني؛ فانصدع صدرُكِ عن صرخةٍ حرَّى...، خِلتُ قلبَكِ خارجاً معها! وجبذتِني إليكِ جبذةً حتى تناسمتْ أنفاسُنا؛ فإذا أنفاس الحب قد مُزِجَتْ بلوعةِ ذعرٍ، فاستنشقناه عطرا زكياً لا تشتمُّهُ إلا أنوفُ العشاق!!! وتنهدتِ تنهيدةً، فكأنما روحُكِ تخرجُ وتدخل...!
وصدمتِني بألحاظِ عينِك التي نكحها المَيلُ الإلهي بكُحلِ الفطرة؛ فكانتْ عينُكِ...، صدمتِني فتطاير منَّا شرارةً أشعلتْ في قلبي نيرانَ الحبِّ.
ألا ليتَ شِعري! لِمَ لَمْ تتركيني والموتَ؛ إذا كان في غيبِ شيطانِكِ أنَّكِ ستهجريني...، أعني ستفجعيني...، أعني ستقتليني!
أنقذتِني من راحة الموت إلى تباريحِ الحب...، إلى سجنِكِ...، إلى قلبِكِ، أي: عذابكِ! بَيدَ أنَّ القضاءَ الإلهي لم يأذن ببُرئي من حبِّك، أي: حريتي من سجنِك إلا في قبر...!!!
ما غيَّرَكِ؟!
هل نبَتَ بالقربِ منكِ شجرة سَخْبَر(٢)، فاستظللتِ بظلِّها، أو استفكهتِ ثمارَها؛ فأروثتْكِ من غدرِها؟!
ما غيَّرَكِ؟!
ما عَرَفتُ الأضداد على حقيقتها إلا منكِ؛ إذ اسمُكِ لكِ وحدَكِ على أصل معناه، ولي أنا على ضد معناه.(٣)
أرى فيكِ كلَّ الناس؛ فرأيتِني ككُلِّ الناس!
في الوحي الإلهي: هل جزاء الإحسان إلا الإحسان.
وفي وحي شيطانِكِ: هل جزاء الإحسان إلا نقيضُ الإحسان!
ما أغدَرَكِ!!!
أنتِ في تاريخِ حياتي صفحةٌ لا تُطوى حين تُطوى إلا آخذةً بدفة كتابي معها...
بل أنتِ صفعةٍ على صفحة قلبي...، لا تُنسى إن تُنسى إلا بعذاب القبر أو نعيمه.
بل أنتِ نسمةٌ عطرة، نسمةٌ في مدتها، وعاصفةٌ في تدميرها وتأثيرها على قلبي!
ما أشوقَ قلبي لنسمتِكِ العاصفة!!
بعد كل هذا التاريخ الغزلي، وما قطع أثره من شأن القطيعة لعامين من الزمان -هل بقي في قلبك حبٌّ، أو أثارةٌ من حب؟
بعد كلِّ هذا... ما غيرك؟!
________________
١-الضمير عائد على كلمة الحب.
٢-كناية عن الغدر، هي من بيت لحسان بن ثابت يقول فيه:
إن تغدروا فالغدر منكم شيمة والغدر ينبت في أصول السخبر.
٣-اسمها كان جامعا لمعاني الشرف، فكان شرفا وعزا لها، وضعة وذلة لصاحب الرسالة.
التعليقات
أحببت ما قرأت و سأعاود القراءة لك مجدداً