بعد سماعي للموشحات الأندلسية في بداية الليل .. اخترق قلبي شغف القراءة، بدأت أبحث عن كتابا يتحدث عن الأندلس ... ولكن لاحظت أن كتب التاريخ مغلفة بالجمود.. وبعد لحظات قليلة من البحث وجدت رواية "المخطوط القرمزي" "لانطونيو غالا" ما لفت نظري للرواية أنها أخذت من المذكرات الأصلية ل "أبي عبد الله الصغير آخر ملوك الأندلس".. أثناء القراءة عبر وجهي ارتعاشة لا إرادية وذلك لأن الرواية لم تضعني أمام حدث تاريخي فقط بل جعلتني أشعر بما كان يشعر به "عبد الله الصغير.. صوت أنفاسه، علاقته مع أولاده ومع حارسه الشخصي.. كيف كان يفكر... رأيت الأندلس أمامي سمعت الأصوات المرعبة التي انبعثت من حناجر الصليبين، ثم عثرت على الموشحات الأندلسية المزورة والتي أصبحت موضع سخرية بين المثقفين، كما رأيت عملية رفع غطاء الدفء عن قلوب المسلمين واستخدمها ككفن للجثث العبثية... وعند الوصول إلى الفصل الذي يتحدث عن محاكم التفتيش انهمرت الدموع من عيني .. أي قدر قاسي حل بهم.. شعرت أني أغرق بين رمال متحركة فأغلقت الرواية بسرعة كي أحافظ على نبضات قلبي ثم بدأت أبحث عن ديوان شعر يتكلم عن جمال الأندلس، هناك دواوين كثيرة .. ما أكثر الشعراء، فمكتبتي تحتوي على شاعر يجري ولا يجرى معه وتحتوي على شاعر يسير وسط المعمعة كما تحتوي على شاعر تشتهي أن تسمعه وأعترف أنها تحتوي أيضا على شاعر لا تستحي أن تصفعه ...ثم تناولت ديوان نزار قباني لأرى كيف كان لقائه في مدخل الحمراء ... استنشقت من صفحات الكتاب رائحة تراب غرناطة ... تشبه الأرجوان .. ثم أحسست أن أنهار قصر الحمراء الفضية تدلني على موقع موسى بن النصير... فنظرت إليه وجدته يرمقني بنظرات عاتبة ... لأني لم أكتب إلى الآن عن غرناطة، ثم التفت يمينا وجدت حفيد طارق بن زياد يهلع إلى كأس الخمر ليشبع فيه خيباته ويطفئ به جنون فشله، ثم انطلقت إلى ما وراء أفاق ذاتي ونفضت رماد سيجارتي في الفراغ وطردت هذا العهد من مخيلتي... ولكن خيالي خانني فوجدت ورقة بيضاء معنونة ( زوبعة في فنجان ) ... أي زوبعة وأي فنجان! فاستبدلت العنوان ب( الفردوس المتبخر)
# سهام السايح
-
سهام السايحمؤلفة كتاب كأنه سديم