لعنة تطاردني . - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

لعنة تطاردني .

  نشر في 25 يوليوز 2022 .

أذكر جيدا ذلك اليوم، بل تلك الأيام قبل أن أحشر نفسي بزاوية هته الثكنة اللعينة.

لقد مررت بأقسى اللحظات، كنت قد أنهيت علاقتي بها، كنت قد مزقت التذكرة و ألغيت الرحلة التي كانت ستأخذني إليها .

إفترقنا، بتلك الليلة كانت المكالمة الأخيرة بيننا، إكتشفت بعد كل ذلك الكلام ،أني اصطدمت بجدار اسمنتي بسمك أعوام من الوهم .

كانت بكلماتها تبعدني و تحاول طردي .. ربما لأنها وجدت البديل .

كنت أحس أني مثل مكون ثانوي بإحدى شطائرها

يمكنها التخلي عني متى شاءت او اضافتي لتزيين أيامها متى ارادت أيضا .

أحسست بأني مغفل، بل نَمَت لدي أذنا حمار تلك الليلة .

دافعت عن نفسي خلال تلك المحاكمة الطويلة قدمت الأدلة و لكنها كانت تحاول إلغائي تماما بقصص لا أدري من أي محل ابتاعتها ، تمنيت لو كنت خائنا بتلك اللحظة ، لو كانت تلك القصص و الإدانات تليق بي و بمقاسي ..

لكنت حينها اعترفت بجرائمي و أحسست بالفخر الذي يشعر به المجرمون بوقوفهم فوق خشبات المحاكم ..

لم أكن مجرما، لم أخنها ، لم أتخلى، و إن كان مجرد إهمال و قلة إهتمام ، لكني لم ارتكب جريمة في حقها

كانت الأولى بحياتي، و ربما الأخيرة أيضا

لقد أحببتها رغم الفوارق الشاهقة بيننا و المسافات التي كانت تفصلنا .

لم أكن خائنا ،لم أكن كاذبا، كانت تبالغ في كل شيء

و إن كانت مجرد أخطاء صغيرة لا علاقة لها بالخيانة أو الكذب، نوبات من اللاإهتمام كانت تراها بالمنظور الضيق للخيانة ..

كانت بتلك الليلة تنازلني بأسلحتها المتطورة، إخترقت حصوني و هدمت ما كنت قد تعبت في بِنائه بالأمس، ذلك المنزل الذي أعددته لها صار ركاما هته الليلة.

بعد كل ذلك لم أعد أقاوم، فقد رأيت في نبرة صوتها في إجتياحها إمرأة أخرى لم أعرفها .

أدركت حينها أنها مصممة على إلغائي من قائمتها

لم أقاوم كثيرا، كانت كلماتها مستفزة جدا ولكني لم أجرحها، بقيت أصغي إليها و أنا مدرك جيدا أنها النهاية، تمنيت لها السعادة .

أحسست أني كنت عبئا عليها و كان لابد من إزاحتي بطريقة ما .

لا أنكر أنها أحبتني، و لكنها فقدتني بشكوكها المتزايدة .

لم أعرف كيف تغيرت ،كيف أمكنها التخلي عني بتلك السهولة، بالرغم من أني تشبثت بها و بقوة، لكنها سحبت يدها و غادرت .

تفارقنا في صمت و أطفأنا نور الشاشة الذي كان يجمعنا للأبد .

وضعت هي النهاية و وافقت أنا دون إعتراض

بعد إدانتي بحكم مسبق، لم يعد وجودي مهما بحياتها.

لقد فقَدتُ ثقتها.

وحين تنعدم ثقة الآخرين بك، لا تقدم تفسيرات، لا تعترض، ساعدهم في وضع النهاية .

هذا ما فعلته بعد تلاشي شيء بيننا يدعى الثقة .

كانت تنازلني و لكني استسلمت بالجولة الاولى و تركتها لتبارز ما بقى من خيالاتي تلك الليلة .

أذكر أنها قالت ذات يوم أن الحب لعنة .

هو لعنة حقا، لعنة دفعتني للقيام بخطوات متهورة جدا .

خطوات ندمت عليها بعدها، و وجودي بهته الثكنة من بينها .

بعد فراقنا كنت مشوشا، مرتبكا طوال الوقت ،حزين مكتئب و مبعثر

كان كل شيء يغضبني، حتى التفاصيل الصغيرة التي تعودتها معها.

أنزعج لأتفه الأسباب، كنت أترك كل شيء و أهرب رفقة فنجان قهوة للسطح دائما

كنت بحالة نفسية يرثى لها، لا أحد كان يشعر بي

إلا جدتي كانت تحس بجل التغيرات داخلي، ولكني لم أخبرها إطلاقا عن السبب وراء كل هذا القلق و الارتباك و الحزن .

كنت دائما أخبرها أني متعب فقط و أرجع كل ما يحدث معي لعملي المرهق بتلك المكتبة .

لم أكن متعبا ، كنت منكسرا من الداخل

مرت بضعة أيام بعدها

تلقيت دعوة للإلتحاق بالجيش الوطني، و كنت أراها آنذاك مهربي الوحيد من لجة الأسى و الحزن التي وقعت بها

كنت أراه الحل الوحيد للإبتعاد عن كل ما يذكرني بها، و بكل ذكرى تشاركناها ذات يوم

أحيانا بحمقنا و سذاجتنا نهرب من جحيمنا إلى جحيم آخر فقط لننسى ..

و لا ننسى ..

نزداد عذابا ، و بؤسا، لاغير

وصلت إلى حافة الجنون و لا أنكر هذا ..

داخل الثكنة بل هذا السجن ،كنت سأنفجر لولا وجود بعض الأصدقاء الجدد من حولي لولا مواساتهم ووقوفهم بجانبي، لانفجرت .

واصلت هي حياتها، و مازالت أنا أبحث عن دواء للعنتها .

الإثنين 25 جويلية 2022

من داخل الثكنة .



  • Abdelghani moussaoui
    أنا الذي لم يتعلم بعد الوقوف مجددا، واقع في خيبتي
   نشر في 25 يوليوز 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا