لطالما اهتممت بتاريخ هذا الوطن؛ لأني جزء منه، ولأنه يعيش بداخلي.. كيف لا؟ والجزائرُ موطن الشهداء وأرض الحرية.
في مقال اليوم، اخترت أن أبتعد قليلا عن مجال تخصصي الأكاديمي، لأضع نبذة عن شهيد من هذا الوطن، تعريفا له، واعترافا بما قدمه الأوفياء السابقون من تضحيات شعارُها:
فإذا عشتُ فقد حققت المنى، وإذا مِتُّ فلْتحيا الجزائرْ.
ولد جدي عثماني اعْمر ذات يوم من سنة 1926، بالحدود الجزائرية-المغربية، يرجع نسبه إلى عرش بني بوسعيد الأمازيغي، إحدى فروع قبيلة زناتة الشهيرة. التحق بصفوف جيش التحرير الوطني سنة 1956، بعد سنة واحدة من اندلاع الثورة بأقصى الحدود الغربية للجزائر. وتُعد عائلة عثماني من أولى العائلات التي كونت تاريخا نضاليا ببني بوسعيد، بحيث انضم سبعة أفراد منها لمقاومة الاستدمار الفرنسي، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من لا يزال على قيد الحياة.
التحق جدي بصفوف الكفاح المسلح شابا يافعا، بعد سنوات قليلة من زواجه سنة 1950، وتَردد بضع مرات، قُبيل استشهاده، على أهله خِفيةً لزيارتهم، لكنه كان يشعر في كل مرة بأنها الأخيرة. فالجيش الفرنسي كان بالمرصاد لتَتبُّع خطى "الفلّاقة" كما كان يسميهم، أو "الخاوة" كما سُموا تحت جناح جيش التحرير.
استشهد جدي سنة 1957، وهو في ريعان الشباب، نتيجة غارة بمنطقة "جيريفيل" (البيض حاليا) بالجنوب الغربي للجزائر، كما تذكر بعض الشهادات الحية، رفقة آخرين من رفاقه في الكتيبة. وإن كنت لا أعرف الكثير عنه -رحمه الله- غيرَ أني فخورة به وبأمثاله ممن وهبوا حياتهم فداءً لحياة هذا الوطن وكرامته.
يقع على عاتقنا، نحن شبابَ اليوم، أن نقرأ التاريخ ونبحث فيه، ونُسْهم في الحفاظ على صورة الجزائر الحبيبة، بالعلم والعمل والتميز والثبات على المبادئ والقيم، مهما كانت العواصف عاتية..
-
عمّارية عمروسأستاذة وباحثة جزائرية، متخصصة في الشؤون الأمنية والإستراتيجية. شاركت في عديد الفعاليات العلمية داخل وخارج الوطن، ولي دراسات ومقالات منشورة.