مشكلة التخلف بين المبادرات الفردية والسياسات العامة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

مشكلة التخلف بين المبادرات الفردية والسياسات العامة

  نشر في 16 غشت 2016 .

مشكلة التخلف بين المبادرات الفردية والسياسات العامة

لأسباب مختلفة في العصر الحديث، تتردد ما بين (غزو ثقافي وخسة وتخلف فكري) زرع مفكرونا في وعينا أن كبرى مشاكلنا هي استبداد الحكام ووزرائهم، ولا شك أن لدينا خلل على مستوى السياست العامة والإدارة، لكن المشكلة الكبرى أن من ينتقدون العجز على هذا المستوى هم أولى بالعجز وأولى بالملام منهم، ومن النفاق والخسة أن يظل مفكرونا يعارضون ويشوشون على إدارتنا العليا؛ وهم هم المفكرون لا يبحثون فن شؤون أنفسهم ومشاكلهم الخاصة المتعلقة بمسئوليتهم الاجتماعية المباشرة، رغم أن صلاح المجتمع بصلاح أجزاءه، وصلاح أجزاءه بصلاح كباره الاجتماعيين، وصلاح كل هؤلاء يتداخل مع صلاح الإدارة السياسية العليا في علاقة جدلية، لا يكون للإدارة العليا أي قيمة إلا من حيث هي متأثرة بصلاح المجتمع (التغذة الراجعة) أو من حيث هي تسهل البيئة المناسبة فقط للمجتمع (لكي ينصلح المجتمع في ذاته بذاته، لا بفعل الإدارة العليا، فهي تساعد المجتمع من الخارج ومن فوق ثم لا تستطيع أن تساعده من داخله) ‘إذن فالعبرة كل العبرة بالمجتمع من داخله وهو الأساس وغيره مساعد، لا العكس كما أفهمنا مفكرونا!

وكذلك أفهمونا أن مصطلح "التخلف" في العلوم الاجتماعية المقصود به شعوبنا من العوام! رغم أن الحقيقة أنهم أول المقصودين بالدراسات الغربية حول تحلفنا!

وذلك الوعي المقلوب هو سمة عامة في المجتمعات لكنه يشتد جدا جدا كلما استحكم التخلف في فترة ما، ولذلك يقول الإمام "أبو حامد الغزالي" إن الخلافة وكذلك الرئاسة هي من أفضل الطاعات في الإسلام، لكن أغلب من يطلبها ويسعى إليها منافق وفيه أصول كل الخبائث ومغرور بخلاف استثناء من هم مثل سيدنا يوسف عليه السلام حين طلب الوزارة وقال {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}

مثال ذلك: الجدل والعمل الذي انشغلت به مؤخرا وزارة التعليم العالي بمصر حول تطوير أو إلغاء نظام التعليم المفتوح، وكالعادة بعض كبارنا الإداريين لا يعرفون واجبهم بالتحديد، ولذلك ينشغلون بما لا يفيد كاجراء بعض التعديلات الإدارية الشكلية، وقد كانوا يستطيعون تهيئة البيئة للمبادرات الفردية التي هي الأساس كما سبق، فمثلا يُلزمون الدكاترة بتخصيص وقت محدد لاستقبال أسئلة الدارسين عن بُعد لأن جوهر عملية التعليم هو في المشاركة والتفاعل بين الطالب والأستاذ، وكذلك (وهو مقصود مقالي) كان هؤلاء الدكاترة يستطيعون تطوير التعليم بمبادراتهم الفردية لو كانوا يؤمنون بذلك فمثلا مقرر "التنمية البشرية" لهذا العام بكلية الأداب قسم علم اجتماع، يعتمد كله على تقرير قديم للتنمية البشرية صادر عام 1994م، فهل هذا يصح وقد مر على صدوره خمسة وعشرين عاما ومعلوماته وبياناته قديمة جدا؟! وحتى لم يبين المؤلف تاريخ كتابته لهذا الفصل وكأنه متأكد من انه لن يقرأ أحد الكتاب أصلا! وكذلك لا توجد مراقبة ومتابعة لهذه المقررات، وكثير من الفصول في المقررات الأخرى كذلك قديمة جدا ولا يعرف القارئ تاريخ كتابتها إلا بالصدفة أثناء قراءته! بل هناك فصول كاملة مترجمة ولم أعرف أنها مترجمة إلا بالصدفة أثناء قراءتي في المقرر الذي عليه اسم الدكتور المؤلف! وإلى الآن لا أعرف اسم المؤلف الأجنبي لأن المترجم لم يذكره!

يجب على الدكتور أن يبدأ بنفسه ويطور في اختصاصه، حتى إذا تحدثوا في كتب علم الاجتماع عن مشكلة الاستبداد السياسي صدقناهم واحترمناهم! وإلا فالقبح كله والخسة كلها أن يظهر الرجل بمظهر المصلح بل وينشط في ذلك ويجر وراءه شباب يغرر به، وهو في ذاته مضيع لأمانته ومسئوليته المباشرة، وتلك هي السمة الغالبة على مفكرينا إلا من رحم الله، ثم إذا استبد الحاكم أكثر (وهو الطبيعي) لأن الاستبداد بالأدعياء والمغرورين، ليس هو الاستبداد المحرم شرعا والممنوع عقلا،إلا إذا لم يقترن بسياسات عامة تنشئ كوادر اجتماعية حقيقية، (وإلا فبالعقل لماذا لا يستبد الحاكم بقوم أدعياء يعارضونهم ويشوشون عليها لا بسند من الحق، ولكن لكي يهدموا عرشه ليحلوا هم بغرورهم محله، أو ليحله سعيد الحظ الذي يحسن الاستثمار في الكوارث! فلو كان هؤلاء الحكام سرقة وفسدة فبأي منطق وبأي سند عقلي أو شرعي يتركون فسادهم لفاسدين مثلهم قد يختلفون عنهم فقط في شدة أو خفة الفساد؟!)

كما أن جهاد هؤلاء الأدعياء ليس هو دعوة الحق الواجبة شرعا والمطلوبة عقلا بمقتضى مدرسة العقد الاجتماعي الأوروبية، لأن هذه المدرسة تنص على استحقاق المعارضة للرئاسة بقوة الحق والكفاءة لا بالجعجعة والإدعاء والغرور، وهكذا يتسبب الأدعياء في استحكام دائرة التخلف وهم يظنون أنهم مصلحون!

(خالد المرسي)



   نشر في 16 غشت 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا